19 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); مازال اللبنانيون يعيشون أجواء الفرحة بالإنجاز الكبير الذي تحقق بنجاح صفقة التبادل مع جبهة النصرة للإفراج عن العسكريين المختطفين. كلام كثير قيل حول نجاح الصفقة، لكن حقيقة واحدة أجمع عليها الجميع، وهي أنه لولا الجهود التي بذلتها قطر بتوجيهات سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني لما وصلت الأمور إلى نهايتها السعيدة، ولما عاد المخطوفون إلى ذويهم. بل إن المعنيين بالصفقة، يؤكدون أنه كلما كانت المفاوضات تصل إلى حائط مسدود، كان الجانب القطري يتدخل للمساهمة في تذليل العقبات، وإعادة عجلة التواصل والتفاوض من جديد. مساهمة قطر في إتمام صفقة التبادل الأخيرة، شكل تطبيقاً لإيمانها بالحلول السلمية في إيجاد مخارج للمشكلات والأزمات، بعيداً عن العنف والاقتتال، خاصة بالنسبة للقضايا التي تحمل طابعاً إنسانياً وتتعلق بحرية عشرات الأشخاص ومعاناة ذويهم كما في صفقة التبادل. أيادي قطر البيضاء اعتادها اللبنانيون ولم تعد غريبة عنهم. فقد كان لقطر دور أساسي في إعادة إعمار ما هدمته آلة الحرب الإسرائيلية عام 2006، وكذلك في حقن دماء اللبنانيين وإبعاد شبح الحرب الأهلية عنهم من خلال التسوية التي قادتها قطر عام 2008 بإدارة مباشرة من سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. بالعودة إلى صفقة التبادل، ففي مقابل النجاح القطري في هذا الملف برز إخفاق لبناني ومساهمة في زيادة مشكلاته. فمنذ اللحظة كان أداء السلطة اللبنانية متسرعاً وانفعالياً وعاطفياً ومليئاً بقدر كبير من العنجهية الفارغة ودون أي قراءة لموازين القوى على الأرض. فكان أن اقتحم المسلحون في منطقة عرسال ومحيطها عدداً من الثكنات والمقار البلدية، واختطفت الجنود الذين كانوا فيها. التهوّر هذا، تبعه وابل من التصريحات والمواقف السياسية المزايدة والرافضة لأي تفاوض أو تواصل مع الجهة الخاطفة، والإصرار على أن الإفراج عن العسكريين المختطفين لن يكون إلا بالقوة. فأعلن الجيش اللبناني عملية عسكرية واسعة أدت لسقوط عشرات الشهداء والجرحى من صفوفه عدا الضحايا من المدنيين اللبنانيين و السوريين، وتدمير وإحراق جانب كبير من مخيمات النازحين في البلدة. إضافة لكل ما سبق، نجح المسلحون في اختطاف المزيد من العسكريين والانسحاب من عرسال إلى جرودها الوعرة. تكللت صفقة التبادل مع جبهة النصرة بالنجاح، على أمل إتمام نجاح آخر في صفقة تبادل مع تنظيم الدولة الإسلامية تعيد من تبقى من عسكريين مختطفين إلى ذويهم. علّ السلطة اللبنانية تكون قد اتّعظت مما حصل، وأن تتعلم من أداء الأطراف التي ساهمت في نجاح صفقة التبادل الأولى، وأدركت أن الشعارات الرنانة، واستخدام القوة حين لايكون مدروساً لا يعود إلا بالمصائب، وستكون خسائره أكبر بكثير من فوائده.