14 سبتمبر 2025
تسجيلهكذا يقولون.. ما إن تجلس مجلساً وتتحدث مع أحدهم عن الأخلاقيات والقيم في مجال العمل وفي شؤون الحياة الأخرى إلا وينقلب عليك حديثك. يقول.. عن أي مثاليات تتحدث!!! وعن أي قيم ومبادئ تتكلم!!! نحن في وقت المصالح الشخصية الصرفة.. نحن في زمن مَن يملأ جيبه ولو على حساب الآخرين.. نحن في عصر تمييع الحقائق وتشويه الصورة والتلميع.. نحن في زمن تقدم فيه الرشوة حتى تتخطى حقوق الآخرين.. نحن في وقت فشت فيه الرشوة في المجتمعات بين ضعاف النفوس.. نحن في زمن يصول فيه الرويبضة وتقول لي مثاليات وقيم وأخلاق.. نحن في وقت فشت فيه الواسطة واستغلال المنصب.. نحن في وقت تُستخدم فيه طرق ملتوية ومتعرجة لنيل الحقوق والتعدي ومخالفة القوانين والأنظمة ولو على حساب الآخرين.. اترك عنك يا صاحبي المثالية وكن واقعياً في حياتك وما يصحبها من تناقضات ولف ودوران!!! ذلك لأن الأمور يا صاحبي الآن تسير خلاف القاعدة وخلاف المنهج الصحيح، وإليك الدليل العملي، يقول أحدهم عندما كنت في سفر وعندما وصلنا إلى المركز الحدودي لإحدى الدول فإذا بطابور طويل من المسافرين كل ينتظر دوره لكي ينهي إجراءاته، فإذا بهذا الشخص المسافر يضع "مبلغ وقدره" داخل جوازه وينهي إجراءات مروره بأقصى سرعة، وهكذا فلينتظر مَن ينتظر في الطابور لكي يأتي دوره ولو طال به الوقت، ويقول لقد تكرر المشهد أمامي عدة مرات وفي رحلات مختلفة، قال لي: كن مع المثاليات حتى يأتيك الدور. هذا الحديث ليس دعوة للتراجع أو الانفكاك أو الانسلاخ أو التحلل عن الأخلاقيات والقيم بحجة انها مثالية، بل هي دعوة صريحة للوصول إلى كل خير وأمر محمود وسلوك إداري صحيح في مؤسساتنا وفي أعمالنا بل وفي جميع شؤون حياتنا، يسودها أخلاق وقيم وضحها ورسمها لنا ديننا في أنقى وأحلى صورها، وليست الصورة كما يرسمها البعض سوداوية ففي المجتمع الخير الكثير الكثير، أما ضعاف النفوس لا مكان لهم من الإعراب في الحياة وإن وجدوا فيها. والواجب على هذا الإنسان الصالح أن يلتزم بأخلاقيات العمل على الوجه الأكمل والمطلوب منه، لينال بذلك رضا الله تعالى، ويكون لبنة من لبنات إصلاح المجتمع ورفعته وتحقيق رؤيته، أما إذا ضيعت الأخلاق والقيم، ففي ذلك اختلال وتفكك عرى وأواصر المجتمع. فالريادة دائماً للأخلاق والقيم في جميع أركان الحياة بدون استثناء. ومضة " المرعى أخضر ولكن العنز مريضة " ما أجمل الحياة في مؤسساتنا عندما تكون المناصب التي يكلف بها البعض منا فرصة لا تُقدر بثمن من أجل إسعاد الآخرين، وإنجاح العمل وتقديم المساعدة والعون، وأن يكون المنصب فرصة للعطاء والوفاء والإبداع والتطوير والإنجاز وصناعة المبادرات ".