19 سبتمبر 2025
تسجيلقد يستنكر البعض الرأي القائل بأن إسرائيل أو الدولة العبرية سبب مشاكل المحيط العربي وأزماته، ولا يجد وجاهة في ذاك الرأي، باعتبار أن من يقولون به يجدون في هذه الدولة أشبه بمشجب يتم تعليق الأخطاء عليه!.لا يمكن رفض هذا الرأي جملة ولا الأخذ به تماماً، فمشاكل الأمة المحيطة بهذه الدويلة ليست فقط بسبب وجود إسرائيل، ولكن توجد أسباب أخرى كثيرة لن نتوقف عندها اليوم، لأن ما يهمنا الآن الحديث عن أهم أسباب تلك المشكلات، والمتمثلة في وجود دولة إسرائيل ضمن محيط عربي مسلم، من بعد ترتيب وتآمر غربي تاريخي واضح، تتحمل المسؤولية من جانب كبير، بريطانيا. وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها.لاحظ أن إدخال مصر في مشكلة تلو أخرى منذ احتلال فلسطين، وتعاقب أنظمة حكم عسكرية عليها، وإشغالها بمشاكل لا حصر لها بالداخل وتعميقها، إنما الهدف هو إنهاكها من أن تفكر مجرد تفكير في خطر كامن على حدودها الشرقية، باعتبار أن الخطر الأكبر الحقيقي على إسرائيل هي مصر لو أدركت دورها القيادي المؤثر كما كانت منذ أن دخلها عمرو بن العاص فاتحاً ومؤسساً لإحدى حواضر الإسلام المنيعة.. هاهي اليوم تغرق في مشاكلها الداخلية التي لا حصر لها، دون أن ندخل في شروحات وتفاصيل.. وكان الخطر الثاني من بعد مصر متمثل في سوريا، حيث انتبه لها الغرب مبكراً أيضاً كما حدث مع مصر، فعاشت مع مشاكلها سنين طويلة، فيما كانت جبهتها مع إسرائيل من أهدأ الجبهات العربية!.ثورات الربيع العربي أحدثت رجة وضجة في دوائر القرار الغربية ومنها الإسرائيلية بالطبع. الجهود تكاتفت بشكل كبير من بعد الثورة المصرية وبروز التيار الإسلامي بل وصوله إلى الحكم.. كانت صدمة غير متوقعة، تطلبت تعاوناً وثيقاً بين كافة الجهات ذات المصلحة في المنطقة، على ضرورة وأد التجربة هذه وإلا فإن المشروع الغربي المتمثل في تقسيم المنطقة العربية عبر زرع دويلة إسرائيل، في خطر عظيم وقد تضيع جهود سنوات طوال في حين من الدهر قصير.انتهى الحال بمصر إلى ما هو عليه الآن، ولم يستغرق الأمر طويلاً باعتبار طبيعة الثورة المصرية السلمية، لكن الوضع في سوريا تطور وتعقّد سريعاً وتحولت لثورة مسلحة وعلى حدود إسرائيل.. كان الأمل في النظام أن يستخدم قوته في قمع الثورة الوليدة، فما استطاع وأصابه الإنهاك، وبدأ يستعين بقوى خارجية كشفت عن نفسها مبكراً. إيران على رأس القائمة ومعها ميليشيات حزب الله ومن شابه من الشرق والغرب، فأصابهم الإعياء كذلك فكان الملجأ الأخير هو روسيا، التي تدخلت من جهة لتؤدي دوراً في حماية أمن إسرائيل وقطع الطريق أمام أي قوة سنية يمكن أن تصل لحكم سوريا، ووضع قدم لها من جهة أخرى في منطقة مصالح غربية خططت لها كثيراً، إلى أن يتم الترتيب والتنسيق بينهم، وهذا ما يجري الآن.