11 سبتمبر 2025

تسجيل

تونس.. ورقعة الشطرنج الجديدة

06 أكتوبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لم تقدر الدبلوماسية التونسية منذ ثورة 14 يناير 2011، على بناء سياسة خارجية جديدة تتماهى مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وتستعيد الفرص الضائعة التي فوتها النظام السابق على الدولة التونسية طوال ربع قرن تقريبا.صحيح أن حكم "الترويكا" خلال عامي 2012 و2013، حاول أن يتعاطى بشكل ما مع هذه المتغيرات، حيث حافظ على العلاقات مع الرباط، وربط خيوط علاقة مع حكم الإخوان في مصر، وقطع العلاقات مع سورية، واندمج في العلاقة مع ليبيا، رغم حساسية الوضع الليبي وتقلباته، وحاول أن يبقى على علاقات تونس التاريخية والتقليدية مع دول الخليج، لا بل إن دبلوماسية حزبي "النهضة ـ المؤتمر"، اتجهت نحو تحالف موضوعي عميق مع قطر وتركيا، رغم كل الانتقادات التي وجهت لهما، والحملات المستعرة التي تعرضتا لها من قبل خصومهما السياسيين..هل نجح الائتلاف الحاكم حاليا في هذه العملية "التصحيحية" المزعومة ؟ في الحقيقة، تبدو الدبلوماسية التونسية أكثر تأزما مما كانت عليه زمن "الترويكا". وفي مستوى العلاقة مع الجار الليبي، تمر الدبلوماسية التونسية بنوع من القطيعة مع طرابلس، نتيجة تذبذب الموقف التونسي الذي بلغ حدّ الإعلان عن رأسين (سفارتين) واحدة في طبرق، والثانية في طرابلس، فيما توترت العلاقة مع الجزائر على خلفية توقيع تونس اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية، أثارت حنق الجزائريين، وأدت إلى ما يشبه القطيعة التي يحاول الطرف التونسي التقليل من شأنها ومن مآلاتها.. حتى سوريا لم يتزحزح الوضع العلائقي معها بالشكل المطلوب الذي يعكس مضمون الحملات الانتخابية للفريق الأغلبي في الحكم، حيث ما تزال القطيعة الدبلوماسية مستمرة رغم كل محاولات رأب الصدع من الجانب التونسي.. أما بخصوص مصر، فقد توجت الرسائل السياسية والإعلامية بين البلدين بالزيارة الأخيرة لرئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي، لكنها زيارة ساهمت في إخراج النظام المصري من عزلته، أكثر من كونها أدت إلى تحقيق "فتح" دبلوماسي جديد للنظام التونسي..بل إن العلاقات مع أوروبا لم تستعد بعد الحيوية التي كانت عليها في الزمن الثوري. هكذا، وبعد أكثر من خمس سنوات من ثورة يناير 2011، تبدو الدبلوماسية التونسية بلا بوصلة واضحة، تحكمها النظرة الحزبية، وسياسة ردّ الفعل، ومنطق الثأر، و"الإدارة اليومية" للملفات، في ظل غياب ـ أو تغييب ـ واضح للعقول الإستراتيجية في الفكر الدبلوماسي التونسي، وتشبث غير مبرر لتقاليد قديمة من صناعة حقبة الاستبداد، فيما المشهد الإقليمي والدولي منفتح على احتمالات كثيرة من المتوقع ـ حسب عديد من المراقبين ـ أن تعيد تركيب رقعة الشطرنج من جديد..ولا يبدو في الأفق التونسي الراهن، أن تتمكن الدبلوماسية التونسية من التموقع مجددا ضمن رقعة الشطرنج الجديدة هذه، رغم دهاء الرئيس التونسي الراهن، لكن السياسة ليست دهاء فحسب، إنما هي شجاعة وإستراتيجيا وقدرة على المبادرة، وهي شروط لا يبدو أن مخططي السياسة الخارجية التونسية قادرون حاليا على التقاطها.