11 سبتمبر 2025

تسجيل

جراحة مؤلمة خير من تخدير وقتي

06 أكتوبر 2005

نتفهم حجم المسؤوليات الملقاة على عاتق هيئة الاشغال، ومشاريع الطرق التي تنفذها حاليا، ونقدر الجهود الكبيرة التي يقوم بها رجال المرور والدوريات، واستشعار رجالات وزارة الداخلية وعلى رأسهم سعادة الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني وزير الدولة للشؤون الداخلية، بالارباك الطارئ للحركة المرورية، بعد اغلاق عدد من الشوارع، وهو ما دفعهم للدعوة الى اجتماع طارئ يضم جميع الجهات ذات العلاقة، بهدف ايجاد الحلول المناسبة لهذه الاختناقات المرورية التي تعيشها مدينة الدوحة حاليا. نعم نتفهم كل ذلك، ولكن ربما التساؤل الذي يراود الجميع، وربما لا يجد اجابة شافية من قبل المسؤولين، هو هل تتم دراسة مسبقة وبصورة كافية لاي شارع يتم الاتفاق على اغلاقه؟ وهل التحويلات التي تتم اقامتها تلبي الحاجة الفعلية لمستخدمي الطريق ؟ وهل البدائل التي توضع على مستوى متقارب من الشوارع الاساسية؟ وهل هناك سلاسة ومرونة في التحويلات التي يتم انشاؤها، بحيث تتيح انسيابية للحركة المرورية؟ وهناك شق آخر من التساؤلات التي بالفعل هي الاخرى بحاجة الى اجابة، ألا وهي الوقت الزمني الطويل الذي يستغرق في الانتهاء من مشاريع الطرق، فلا يعقل مثلا شارع لا تزيد مسافته على 4 كيلومترات يستغرق الانتهاء منه 10 أشهر، وهو الشارع الممتد من دوار سلاح الجو الى اشارات طريق المطار (دوار المجنون سابقا)، اي بمعنى ان كل كيلو متر يستغرق الانتهاء منه شهرين ونصف الشهر، اي ان الانجاز اليومي ما يعادل نحو 13 مترا فقط، فهل يعقل ذلك؟ ومن يمر على هذا الشارع في اوقات متفرقة يجد ان العمل به يمضي بصورة بطيئة، واحيانا تجد عمالا لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، ويعملون فترة واحدة، في حين ان مثل هذه المشاريع الحيوية، والتي تشكل أولوية في الانجاز، يفترض ان العمل بها يكون على مدار الساعة، وهذا ليس بالأمر الصعب، اذا ما تضمن العقد الموقع مع الشركات المنفذة ان يكون العمل على مدار الساعة، ونحن نشاهد ذلك في بناء المشاريع الخاصة كالابراج، التي تجد تواصلا بالاعمال على مدار الساعة، بهدف انجازها في مدة قصيرة، وهو ما يحدث بالفعل، فلماذا هذه المشاريع التجارية تجد العمل بها على مدار الساعة، بينما المشاريع الخدمية يكون العمل بها محدودا بساعات معينة، وعدد محدود كذلك من العمال؟! في دول عدة تجد مشاريع كبرى كالجسور والانفاق لا يستغرق العمل بها اشهرا لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، بينما لدينا مثل هذه المشاريع يصل انجازها الى قرابة العامين، وهو ما نعتقد انها مدة طويلة، وغير مبررة، وبالامكان تقليصها اذا ما كانت هناك سياسة حازمة في تنفيذ المشاريع، خاصة ما يتعلق منها بالبنية التحتية. وتتفاخر بعض الشركات بأنها أنجزت مشاريعها قبل المدة المحددة بأسبوع او اسبوعين، وهو أمر طبيعي في ظل المدة الطويلة التي تمنح لها للانتهاء من المشاريع الموكلة اليها. لذلك من المهم على الهيئة العامة للاشغال اعادة تقييم السياسة المتبعة، والسعي الجاد نحو الاطلاع على تجارب الدول الاخرى المتقدمة منها تحديدا في مجال البنية التحتية ومشاريع الطرق، والاستفادة قدر الامكان من تلك التجارب. عموما على الرغم من كل تلك الارباكات التي تسببها مشاريع الطرق حاليا للحركة المرورية، إلا أن ذلك سيظل فترة مؤقتة، وان كانت موجعة، إلا أن من المهم الصبر عليها، فعملية جراحية لاستئصال الأورام الموجودة خير من التخدير الوقتي الذي قد يقدم، وهذا ما يحدث حاليا، عملية جراحية مؤلمة، وليس ترقيعا او تخديرا لمواضع الألم.