11 سبتمبر 2025
تسجيلعندما يطرأ عليك مفهوم الثقافة الغربية، أعتقد بأن سيأتي في بالك وبشكل مباشر مسألة الحياء وانحلال القيم وتطرف العقيدة، وايضاً تطرف التصرفات والمبادئ. طبيعي جداً هذا الشعور، لأنك وباختصار تشعر بالخوف على ما تتحلى به الآن، وما غرسته في أبنائك من مبادئ والتحلي بالدين والتشبت بالعادات والتقاليد وغيرها من المعايير التي تشكلك عن غيرك. ونفس تلك المعايير رسخت على مستوى مجتمع ومن المجتمع انعكست على أسس دولة تصقل من خلالها هويتها المحلية والوطنية. إذ إنك وفي هذا الموقف تكون بين أمواج التأثير والتأثر، ولربما لوم العولمة بكونها ضارة ونافعة في نفس الوقت، تشعر بتضارب الموقف بين ماهو ضار وماهو نافع من التيارات الخارجية. ولكنك تظل في الصورة الأصغر لمقومات العولمة التي تتطلب منك النظر بشكل أبعد، حيث تظل العولمة ثقافة غربية ظافرة. بدأت من خارج حدودك وتشكلاتك الخاصة محاولة ان تسيطر على الآخر من خلال محاكاة عولمة الثقافات الأخرى. لذلك، أيها القارئ أنت في فخ جداً معقد، وإشكاليتك تكمن في مقدرتك على الفصل بين ما يعتبر عولمة ثقافية مسيطرة، أم عولمة باختيارات محلية متنقاة. يبدو الأمر سهلاً على الورق الفصل بين النافع والضار، ولكن تظل الصعوبة في تفكيك المعايير التي تجلب التغريب الثقافي على قالب يتصدره الخوف، خاصة وعندما يطرأ عليك مصطلح الثقافة الغربية. وبنفس القالب، أحاول في هذه الحال قياس أثر الخوف على الصعيد الاجتماعي بحسب مدى تقبل المجتمع من الأجواء الترفيهية والحماسية خلال فترة كأس العالم. إذ يبدو أن التأثير متفاوت ما بين الخشية وما بين فترة عبور تتطلب المضي بشكل طبيعي والتثبت بالقيم والمعايير في ظل استقبال زوار الكرة من جميع أنحاء العالم بمعاييرهم المتفاوتة. ولا يبدو أن الخشية ستكون الشعور المسيطر، خاصة وإذ ما بان الثبات ومواضع الانتماء المحلي ضد الآخر الغربي. ولكن يظل الاستثناء عند الوقوع في الفخ، خاصة وعند سيطرة الثقافة الغربية بحسب المعايير التي تخشى منها من خلال محاكاة النموذج المحلي من حيث السلوك والتفكير والتبعية، هنا يعني بأن الخوف يصبح واقعاً، ويصعب إعادة بنائه على ما سبق، إنما يظل معاصراً وقد يسيطر عليه الاستعمار الجديد بقموماته اللطيفة والناعمة، إذ يسهل وصوله إلى العقول بالاغراءات من دون أي نوع من الفرض. لذلك، تظل السلوكيات والقيم غير الملموسة أهم المعايير التي تشعر بالخوف عليها بالتأكيد لمرحلة مؤقته برؤيتها المعاصرة، وتظل الصورة الأكبر اهتمام مستدام ومهم من حيث انتقاء ثقافة العولمة نحو تنمية الدولة المعاصر وخاصة في مجالات العلم والاقتصاد وبناء الانسان، إذ يظل الحرص على تحويل مكونات العولمة الغربية إلى عناصر ايجابية من حيث التسلح بالقيم والهوية المحلية. ويجب التخلي أحياناً عن التفكير بأن هويتنا المحلية والثقافية مهددة من الثقافة الغربية بسبب اتساع دائرة التثاقف والتفاعل مع الثقافات الأخرى. حيث يظل الدفع نحو تعزيز محتوى الوسائل الاعلامية والاجتماعية لصناعة المحتوى الأشمل لصورة النمط المحلي بقيمه التي لا تنتزع ولا تتلاشى بسرعة بسبب مشاعر الخوف تلك. لذلك، علينا أن نرى الصورة الأكبر، ونتجاوز الخوف باستحضار الهوية ودفعها نحو الوعي لوقايتها نوعياً بسلوكياتها غير الملموسة. إذ تظل صناعة المحتوى بنمطه المحلي أهم عمومية لإبراز الصورة الوطنية المطلوبة في كل القوالب.