15 سبتمبر 2025
تسجيلسعى الرسول صلى الله عليه وسلم في الأحاديث النبوية إلى شرح معنى مبادئ العدل المجردة المعلنة في الآيات القرآنية بأمثلة محددة، مستخدماً عبارات أخلاقية وفقهية للتمييز بين العادل والظالم من الأفعال، ولوضع القواعد الأساسية التي تبين ما يجب أن يكون عليه ميزان العدل، وبسبب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعالج مسائل عملية، فإننا لا نجد في القرآن ولا في الحديث النبوي مواد محددة، تشير إلى عناصر العدل وطريقة تحقيقه في الحياة الدنيا، ولذلك فإن مهمة تحديد ما يجب أن يكون عليه تقع على عاتق العلماء، الذين يسعون إلى استخراج عناصره من المصادر المختلفة الموثوقة، كما أسلفنا.وفكرة العدل في الحديث النبوي تعني العدالة الإلهية، القائمة على أساس من نظام التشريع الديني، تتميز بالأفضلية في نظر الفقهاء المسلمين، لأنها تحيط شمولياً بالتشريع والأخلاق للإيفاء بكافة مناحي الحياة الإنسانية ولأجل السعادة في الدارين، "عبدالحميد إسماعيل الأنصاري، نظام الحكم في الإسلام".فإذا كانت الدنيا معاش الخلق فإن الدار الآخرة تقتضيها العدالة أو الحكمة الإلهية، وهي لزوم الحساب والثواب والعقاب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم، "..إنما يرحم الله من عباده الرحماء". أخرجه البخاري، كتاب الجنائز.وفي مقابل ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا"، إن مثل هذه الصور من الحديثين يؤخذ منها أن الإنسان مكلف حر مختار، وقد أتيحت له في هذه الدنيا فرصة ممارسة حريته بأن يختار اتباع طريق الخير أو طريق الشر، ثم هو سيسأل يوم القيامة ويحاسب على ما اختاره بمحض إرادته، وسيكون الجزاء مناسبا لما كسبت يداه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "..وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم"، سبق تخريجه، فمبدأ الجزاء هنا يدعم فكرة العدل، وإلى جانب ذلك نجد فكرة أساسية أخرى تدعم ما سبق، وهي أن الله منزه عن العبث والظلم."يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا.." أخرجه مسلم كتاب البر والصلة، وهذا يفضي بنا إلى القول: بأن الله هو العدل، ولا يصدر عنه إلا العدل. هذا وبالله التوفيق.