19 سبتمبر 2025

تسجيل

كان يهز الأرض بقدميه!

06 أغسطس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قال: الدم لا يزال يخرج من جسمي نحو الكيس الأحمر، ومازلت أفكر بالهيكل العظمي المعلق بالغرفة، دموعي تريد التحرر من بين جفني، فكلمت نفسي: إن هذا الهيكل الذي أمامك كان يومًا يهز الأرض بقدميه، فربما كان قاتلًا ومتعطشًا للدماء، أو مزارعًا، أو لاعب كرة، أو صيادًا، أو عاشقًا يتلو الشعر، أو مدير مدرسة أو أمير قبيلة وعزيز قوم، والآن هو واقف أمامي لا حول له ولا قوة. أثناء مغادرتي بنك الدم، ترجلت أمام الهيكل الصامت، فمددت يدي أسلم عليه، فلمحت ثقبًا كبيرًا في كفه اليمنى، فبادرني الممرض: طبيعي أن تجد ثقبًا بكفه، أو شرخًا بجمجمته، لأنه بقايا حروب وصراعات غبية، وغالبًا عدم تفكيره وجهله هو سبب وجوده هنا، بحروب لا ناقة له بها ولا جمل، فهو هو من دفع الثمن غاليًا، فاتخذت الصمت إجابة، وسالت الدمعة، وغادرت المكان، وأعلنت يومها أني متصالح مع الله، ومع نفسي ومع الآخرين، خاصة مع زوجتي وأبنائي والأقـربين، وأن لا أقصي أحدًا، سواء بــ" رأي أو فكر "، وأن أحترم من يختلف معي عرقًا ولونًا وعقيدة. إن بنا نحن البشر غرور وغطرسة، متسلحين بهذا الجسم الرخيص الهزيل، إنها فقط مجموعة من العظام البالية، والمغطاة باللحم الذي تخترقه النملة والبعوضة؟ إذًا لماذا نفسد في الأرض ونسفك الدماء؟ ولماذا نبطش ونقـتل ونشرد نظائرنا في الخلق وأخوتنا في الدين؟ ولا نعترف بوجودهم شركاءً في الأرض، لماذا أظلم أهل الأرض وأغضب رب السماء؟ لماذا أتجرد من إنسانيتي، وأصبح وحشا وضيعا أحقر من الحيوان؟، ونهاية المطاف "كلنا هياكل عظمية"، وسنصبح يومًا كهذا الواقف أمامي، أو ربما هو أكثر حظًا منا، فبعض الظالمين لم يمتلكوا حتى القبر، أو حتى حفنة من العظام البالية، وقد رمتهم أعمالهم الشيطانية العفنة بمزبلة التاريخ، وبالنهاية سنوضع في لحد ضيق يجعلنا متساوون! وستنخر اللعازة عيوننا الجميلة ولحمنا وعظامنا، إذا الذي سيميزني عن باقي البشر، هو عملي وبصماتي، وهذا يعتمد على عقلي وأخلاقي وثقافتي.. "نسأل الله حسن الخاتمة".