26 أكتوبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في ختام زيارته لمصر عن اتفاق لتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي بين بلاده ومصر معتبرا أن "مصر تظل بلدا محوريا للعلاقات والاستقرار في المنطقة برمتها بينما أكد نظيره شكري أنه لا توجد خلافات كبيرة بين بلاده والولايات المتحدة ورغم تحفظ الولايات المتحدة على ملف حقوق الإنسان إلا أنها عادت لبرجماتيتها وغلبت مصالحها ومضت قدما في تطوير هذه العلاقات وقد قال كيري صراحة "إن الولايات المتحدة مهتمة بملف حقوق الإنسان في مصر، وإن هناك كثيرا من الخلافات من بينها أنه لا بد من التفرقة بين من يلجأون للعنف ومن لا يقوم به مضيفا "نتفهم أن هناك أعمال عنف بالنسبة لبعض القيادات من الإخوان والبعض الآخر ينتهج السلمية ونعلم أن هناك تحديات تواجه مصر " لكن هذه الملاحظات لم تمنع الولايات المتحدة من تأكيد وتمتين علاقتها بمصر ورغم عدم ثبات سياسة الرئيس أوباما في الفترة التي تلت ثورة 25 يناير نحو مصر وقوله ذات مرة مصر ليست عدوة ولا حليفة إلا أنها ارتأت أن تطوير هذه العلاقة ومد مصر بالمعونة العسكرية وتسليمها ما تعهدت به في السابق هو الأفضل لها ولذلك أفرجت إدارة أوباما فى أوائل شهر أبريل المنصرم عن الشحنات العسكرية المتوجهة للجيش المصري التي سبق تعليقها لمدة طويلة والمتمثلة بمجموعة دبابات M1A1 وصواريخ هاربون وطائرات F-16 المقاتلة وقطع غيار متفق عليها من قبل. فما الذي دفع الولايات المتحدة إلى تمتين علاقتها بمصر وجعلها تغض الطرف عن ملف حقوق الإنسان فيها؟ أسباب كثيرة تدفع لهذا النهج منها أن مكاسب الولايات المتحدة من هذه العلاقة أكبر مما تدفعه فما تدفعه لمصر هو 815 مليون دولار معونة اقتصادية جرى خفضها حتى استقرت عند 200 مليون دولار و1.3 مليار دولار معونة عسكرية. وتمثل المعونات الأمريكية لمصر 57% من إجمالي ما تحصل عليه من معونات ومنح دولية، من الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهما من الدول، والمعونة لا تمثل إلا نحو 2 % من الناتج المحلي الإجمالي لمصر والبالغ 256 مليار دولار ويعتبر بعض المحللين هذا الدعم تجارة وليس مساعدة ومع ذلك فهي تقدمها لأسباب عديدة منها أنها مكافأة لمصر لعقدها سلاما مع إسرائيل ولالتزامها المتواصل باتفاقية كامب ديفيد كما تدفعها نظير خدمات لوجستية بحرية وجوية وتعاون استخباراتي لاسيما بعد 11 سبتمبر كما دعمت مصر عمليات عسكرية أمريكية مصيرية كعملية عاصفة الصحراء التي تم من خلالها تحرير الكويت من الاحتلال العراقي والتي شارك فيها نحو 35 ألف جندي مصري وتنتظر منها الآن أن تساهم بقوة في مواجهة الإرهاب ليس فقط في سيناء وإنما أيضا في خارجها ومن ناحية أخرى فإن المعونة العسكرية وهذا المدى من التعاون الإستخباراتي يجعل أمريكا عالمة بما يجري في مصر ثم إن مصر بدأت تناور وتعيد حساباتها وتلعب بأوراق في أيديها وبدأ الأمريكيون يدركون أهمية توجه مصر إلى أسواق السلاح الروسية والأوروبية وعقد صفقات مؤثرة وفاعلة كصفقة طائرات الرافال الفرنسية حتى ولو لم تكن بديلا عن التعاون العسكري الأمريكي المصري. وقد عبرت صحيفة نيويورك تايمزعن هذا التوجه الأمريكي نحو مصر فقالت " إن هناك أسبابا قوية لإدارة أوباما، للحفاظ على هذا التحالف الوثيق مع مصر، حيث إنه يوفر مرور السفن الحربية الأمريكية عبر قناة السويس وتحليق السلاح الجوي في المجال الجوي المصري، كما أن مصر تعد حليفا مهما فى المعركة ضد داعش" وترى الولايات المتحدة بعد توقيعها للإتفاق النووي مع إيران ضرورة تحقيق توازن استراتيجي في المنطقة خاصة بعد انهيار ليبيا وسوريا فلم يعد في مصلحة أحد انهيار مصر وتحولها إلى دولة فاشلة . بالإضافة إلى ما ذكرناه فإن اللوبي اليهودي " الأيباك" يدفع بإدارة أوباما لتوثيق تحالفها مع مصر مكافأة لها على تعاونها الأمني المتطور والمستمر مع إسرائيل وقد ارتفعت أصوات كثيرة داخل الكونجرس وخارجه حاثة أوباما على تطوير علاقته بمصر بغض النظر عن تجاوز الأخيرة لحقوق الإنسان المصري وتناولها لجميع القضايا تناولا أمنيا فقد كتب الكاتب الأمريكى الشهير ديفيد أغنايتوس في الواشنطن بوست يقول إن الولايات المتحدة الأمريكية ليس لديها خيار آخر سوى دعم مصر فى كل المجالات إذا أرادت الإدارة الأمريكية تحقيق التوازن بالمنطقة، ويوضح في مقاله، أن دور مصر في المنطقة شديد الأهمية بسبب تصاعد خطر الشيعة والجماعات السنية المتطرفة، وهو ما يجعل مساعدة مصر اقتصادياً وعسكرياً وسياسيا أمرا واجبا على الرئيس أوباما. وارتفعت أصوات أخرى في الكونجرس تطالب أوباما بدعم مصر مثل النائبة الجمهورية كاي جرانجر والنائبة كويز فرانكل وغيرهما وقال ستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي السابق إن أهمية مصر الاستراتيجية الآن أكثر مما كانت عليه في الماضي لتحقيق الاستقرار بالشرق الأوسط، وهو أمر بالغ الأهمية، ونحن لا نملك الكثير من الشركاء لمساعدتنا في ذلك، وفي حالة انتشار الفوضى في مصر فسيتسبب ذلك في تفاقم المشكلة. أما السيناتور الأمريكي السابق جيب بوش أو بوش الثالث كما يحلو للبعض تسميته والمرشح لخوض سباق انتخابات الرئاسة في 2016 فقد حث أوباما على توثيق تحالفه مع مصر السيسي واتهم إدارة أوباما بالتخبط في كثير من الملفات وقال " إدارتكم ليست لها سياسة واضحة تجاه مصر، مما يجعل حلفاء الولايات المتحدة فى المنطقة حائرين بشأن الأولويات الأمريكية في حربها ضد داعش والإرهاب في المنطقة". وأيا كانت الأسباب وراء زيارة كيري لمصر ومهما كانت أسباب توثيقها لتحالفها القديم مع مصر فإننا نعتقد أن دولا عربية عديدة باتت هي الأخرى تعتقد أن سلامة مصر وقوتها ضرورة حتمية لإحداث توازن استراتيجي في الإقليم ولمواجهة الحركات والتنظيمات المتطرفة وأن هذه القوة لا يمكن أن تتأتى لمصر دون مصالحة حقيقية بين النظام ومعارضيه وعلى رأسهم الإخوان المسلمين ودون تدشين ديمقراطية حقيقية تسمح لكل أطياف المشهد السياسي المصري بالمشاركة وهذا ما أشار إليه أيضا كيري في زيارته الأخيرة لمصر وما تحاول دول عربية إقناع مصر به فهل تلقى هذه المساعي آذانا صاغية في مصر.