13 سبتمبر 2025

تسجيل

القيمة الذاتية

06 أغسطس 2015

تتشكل أفكار الإنسان وتتحدد اتجاهاته وردور الأفعال التي تمثله، من خلال ما يحمله معارفه عن نفسه، ومن خلال القيمة التي يضعها لذاته. وعلى الرغم أن الكثير يتصرف تحت تأثير العواطف والأفكار السلبية كانت أو الإيجابية إلا أن البعض يتمهل ويتأنى ليصنع سلوكيات تستحق أن تكون قيما وأدبيات يتعلمها الناس لتصحيح مسارهم وانفعالاتهم من خلالها. وَمِمَّا لا شك فيه بأن تقييم الإنسان لنفسه تقييما إيجابيا يجعله أكثر سخاء معها وأكثر إبداعا مع غيره . فالقيمة الذاتية تتشكل من إحساس الفرد بدوره وبأهميته وبقدرته على توفير احتياجاته دون انتظار العطاء والمبادرة من الآخرين والناضج لا يتصنع حين يصف نفسه، ولا يتكلف حين يحاول إظهار مشاعره أو مفاهيمه، لأنه لا يحتاج لإثبات ذاته أمام الآخرين بقدر ما يحتاج لممارسة حقه فى تنطيق ذاته من خلال المواقف المختلفة . إن القيمة الذاتية تدفع الفرد لتحسين أدائه في الحياة وهي التي تجعله في حالة حيوية دائمة فهو لا يرضى بالقليل ولا يروق له التكرار. والواقع أن القيمة الذاتية هي الرغبة التي يظل الفرد عمره محاولا إيجادها وتحقيقها. فالحياة ليست ساحة للتسلية أو الانجراف خلف الأهواء والشهوات وإنما هي ساحة خصبة لممارسة الإمكانيات الشخصية على اختلافها ليصبح الفرد مسؤولا أمام نفسه وأمام مجتمعه عما يقوم ويفكر به. وتعتبر القيمة الذاتية في علم النفس هي ما تجعل الفرد يستحق الحب والاحترام والإعجاب والتقدير، وانخفاضها أو عدم الشعور الجيد بها ينمي فى داخل الفرد الشعور بعدم الاستحقاق. وبالرغم أن الدراسات النفسية أشارت إلى أن بعض الصفات المزاجية والشخصية هي وراثية إلا أن الإنسان يملك حق انتقاء ما يناسبه ورفض ما لا يوافق حاجاته واتجاهاته. إن ممارسة الإنسان لحقوقه الخاصة تجعله أكثر راحة عند التعامل مع نفسه ومع الآخرين. وتجعله غير مندفع في لوم ذاته أو جلدها أو تعنيفها أو إلغاء متطلباته الهامة لاستكمال مشواره في تحقيق أهدافه . فالأزمات كالتعلق العاطفي والحذر من اتخاذ القرارات المصيرية والخوف من نقد الآخرين وبعدهم، قد تلغى قيمة الإنسان أمام ذاته مما يجعله عرضة للكسل والحزن والشعور باليأس والخمول وفقدان الهمة والأمل. إن حاجة الإنسان لرفض ما لا يناسبه لا تقل أهمية عن حاجاته لقبول ما يواففه ويمثله. كما أن الانسحاب السلبي من الحياة الاجتماعية لتجنب عدم القبول أو الرفض يعزز شعور الفرد بالانكسار وعدم الأهمية. والحقيقة أن القوة التي يطمح لها الفرد لا يمكن أن تأتي إلا من داخله مهما شعر بالحب أو الأمان من الآخرين. فثمة أشياء لا يجدها الإنسان إلا عندما يصنعها هو بنفسه وتلك هي القيمة الذاتية.