18 سبتمبر 2025

تسجيل

عجز الطاقة.. وقطار التنمية في مصر

06 أغسطس 2014

بدأت عمليات التنمية في مصر تواجه أزمات جديدة حتى بعد أن هدأت إلى حد كبير هواجس المخاوف من الانفلاتات الأمنية التي هددت الاقتصاد في السنوات الثلاث الماضية، وكلفت ميزانية الدولة عجزا شديدا هو الأكبر في تاريخ مصر، إذا لم تتضمن الميزانية أيًّا من المساعدات المالية الخارجية التي أسهمت في احتواء العجز في الميزانية السابقة، والتي لا يمكن التعويل عليها بشكل كبير في الميزانية الجديدة، مما يجعل الحكومة في موقف صعب، فهي إما أن تخفض العجز أو تسدد الديون، أو تعمل على توفير التمويل اللازم للتنمية، في ظل التفكير في الاستغناء عن الديون، والسعي لتوفير المناخ الجاذب للاستثمارات الأجنبية، تحت غطاء من الاستقرار السياسي والأمني، وهي معادلة صعبة، خاصة إذا كان الطرف الآخر من المعادلة هو توقف عجلة الإنتاج ودولاب العمل وحركة السياحة حتى تعطل قطار التنمية تماما، الأمر الذي يدفع الحكومة إلى فرض المزيد من الإجراءات التقشفية، التي يمكن أن تزيد حدة الشعور بالمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، مثل الفقر والبطالة، والعمل على تحصيل المتأخرات الضريبية بعد أن تتشعب قضيتها بين تسديد الديون من جهة، ومن جهة أخرى توفير التمويل اللازم للاستثمار، لتسيير قطار التنمية المتوقف، وتبدو الصور أكثر ضراوة في قطاع الصناعة، خاصة بعد إجراءات رفع الدعم، وزيادة الضرائب، وتحرير سعر الطاقة التي ستجبر الكثير من رجال الأعمال، خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة على التوقف، نتيجة لارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم التي يمكن أن تصل إلى ما بين %10 و11% في 2014/2015 ومما يزيد الأزمات القائمة تعقيدا ظهور مشاكل العجز في الطاقة التي تعتبر عصب التنمية، بداية من أقل الصناعات أهمية، وحتى المصانع الكبرى والمشروعات الضخمة، حتى أن قطاع الصناعة أصبح من أكبر القطاعات تأثرا من نقص الطاقة من الغاز الطبيعي والوقود، وهو الذي يقود عمليات التنمية الحقيقية، الأمر الذي قد يهدد الكثير من المصانع بالتوقف ومضاعفة خسائر الاقتصاد، خاصة بعد عمليات العنف والتناحر السياسي التي شهدتها البلاد في فترة سابقة، وأدت إلى تراجع جميع المؤشرات الاقتصادية في مختلف القطاعات، التي إذا استمرت ستهدد بكارثة اقتصادية بعد أن تحملت شركات قطاع الأعمال والقطاع الخاص خسائر كبيرة بسبب اختلاف الأسعار واختلالها وما ترتب على ذلك من تباين في أسعار شراء المواد الخام اللازمة لعمليات التصنيع، وتؤثر على التعاملات والتعاقدات والالتزامات في الداخل والخارج إذا توقف الإنتاج وتأثرت عمليات التصدير، التي تقلص الإيرادات والموارد في الموازنة العامة، وتؤدي إلى تراجع الاحتياطيات الأجنبية، وعدم القدرة على تدبير متطلبات التمويل الضرورية للمشروعات الجديدة.ولا شك أن ذلك يحتاج إلى جهود لفهم طبيعة المرحلة ومتطلباتها، من حيث الإدارة الجيدة التي تستطيع إحداث نقلة نوعية متميزة، من خلال العمل الجاد ومقاومة الفساد الإداري والمالي الذي استشرى منذ زمن طويل وكانت له سلبياته على الاقتصاد والتنمية والتي أنهكت المجتمع، وتجعلنا في حاجة إلى خطط واضحة، لمعالجة الأزمة والمشاكل القائمة والمحتملة في المدى القصير، لتعويض الخسائر التي مني بها الاقتصاد المصري الذي يمتلك الكثير من الإمكانات التي تجعله قادرا على التعويض من خلال الاستفادة من عناصره الأساسية المتمثلة في الصناعة التي تعد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد وزيادة الدخل وتشغيل الأيدي العاملة المتعطلة والباحثة عن العمل، وهي مقومات ضرورية لنجاح الخطط الاقتصادية ودفع قطار التنمية قدما في مساره الصحيح.