13 سبتمبر 2025
تسجيلحُسْن الخاتمة: هي أن يوفَّق العبد قبل موْته للتوبة عن الذنوب والمعاصي، والإقبال على الطاعة، ولحُسن الخاتمة علامات، كل واحدة منها كافية بإذن الله في الاستبشار بحُسن الخاتمة من غير جزْمٍ بذلك:1- النُّطق بالشهادة عند الموت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :( مَن كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخَل الجنة ).2- أن يرشحَ جَبينه بالعَرَق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:( موْت المؤمن بعَرَق الجَبين ) .3- أن يموت يوم الجمعة أو ليلتها وهو مسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( ما مِن مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة، إلاَّ وقَاه الله فِتنة القبر ) .4- أن يموت شهيدًا في سبيل الله، أو وهو مُرابِط في سبيل الله، أو يموت بإحدى الميْتات التي يكون صاحِبُها في درجة الشهيد، وهي المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدْم والحريق، والموت بذات الجَنْب، والمرأة يقتلها ولَدُها؛ أي: تموت وهي حامل، أو بسبب الوضْع.5- أن يُختمَ له بعملٍ صالح، كصيام يوم، أو صدقة أو ذِكْر؛ عن جابر - رضي الله عنه قال: ( مَن مات على شيءٍ، بعثَه الله عليه ) .وروى أحمد في مسنده قال: ( مَن قال: لا إله إلا الله؛ ابتغاءَ وجْه الله وخُتِم له بها، دخَل الجنة، ومَن صام يومًا؛ ابتغاءَ وجْه الله وخُتِم له بها، دخَل الجنة، ومَن تصدَّق بصدقة وخُتِم له بها، دخَل الجنة ).وكم سَمِعنا من الصالحين مَن مات وهو ساجد، أو وهو يتلو القرآن، أو يَذكر الله تعالى .وقد أخبَر النبي أن المحرِم الذي مات على إحرامه، يُبْعَث يوم القيامة مُلَبِّيًا، وأنَّ الشهيد يُبْعَث يوم القيامة ولون جُرْحه لون الدمِ، ورِيحُه رِيح المسْك، وأنَّ آكِلَ الربا يقوم كالمصروع، والمتكبِّر يحشر في صورة الذَّرِّ، يَطؤه الناس بأقدامهم.وقد حكَى الإمام ابن القيم، والحافظ الذهبي رحمهما الله حكايات كثيرة عن أقوام عجزوا عن قول: "لا إله إلا الله" عند موْتهم، واستبدلوها بما كانوا متعلِّقين به في الدنيا؛ من حرامٍ، أو مُباح.فرجل كان يلعب الشطرنج، قيل له: قلْ: لا إله إلا الله، فقال: شاه رخ، ومات، ورجل كان يشرب الخمر، قال: اشربْ واسقني، ثم مات، وقيل لآخر: قلْ: لا إله إلا الله، فجعَل يهذي بالغِناء، ويقول: "تاتا ننتنتا"، فقال: وما ينفعني ما تقول، ولَم أَدَعْ معصية إلاَّ ركبتُها، ثم قضَى، ولَم يقلْها، وقيل لآخر ذلك، فقال: وما يغني عنِّي، وما أعلم أني صليتُ لله تعالى صلاة ثم قضَى، ولَم يقلْها، وقيل لآخر ذلك: فقال: هو كافر بما تقول وقضى، وقيل لرجل: قلْ: لا إله إلا الله، فجعَل يقول: أين الطريق إلى حمَّام منجاب، قال: وهذا الكلام له قصة، وذلك أنَّ رجلاً كان واقفًا بإزاء داره، وكان بابها يُشبه باب هذا الحمَّام، فمرَّتْ به جارية لها منظر، فقالت: أين الطريق إلى حمَّام منجاب؟ فقال: هذا حمام منجاب، فدخَلت الدار، ودخَل وراءها، فلمَّا رأتْ نفسها في داره، وعَلِمت أنه قد خَدَعها، أظهرتْ له البِشْر والفرح باجتماعها معه، وقالتْ خدعةً منها له، وتحيُّلاً لتتخلَّص مما أوْقَعها فيه، وخوفًا من فعْل الفاحشة: يصلح أن يكونَ معنا ما يطيب به عيشنا، وتقرُّ به عيوننا، فقال لها: الساعة آتيك بكلِّ ما تُريدين وتشتهين، وخرَج وترَكها في الدار ولَم يُغْلِقْها، فأخَذ ما يصلح ورجَع، فوجدَها قد خرجَتْ وهرَبت، فهام الرجل وأكثر الذِّكْر لها، وجعَل يمشي في الطُّرق والأزقَّة، ويقول:يَا رُبَّ قَائِلَةٍ يَوْمًا وَقَدْ تَعِبَتْ *** أَيْنَ الطَّرِيقُ إِلَى حَمَّامِ مِنْجَابِ؟فبينا يقول ذلك، إذا بجاريته أجابتْه مِن طاق أو كوَّة لها:هَلاَّ جَعَلْتَ سريعًا إِذْ ظَفِرْتَ بِهَا *** حِرْزًا عَلَى الدَّارِ أَوْ قُفْلاً عَلَى الْبَابِواعلم أخي المسلم أنَّ الشيطان يحشد للإنسان كلَّ هِمَّته وقوَّته؛ لإضلاله في هذه اللحظة، والإنسان يكون في أضعف أحواله؛ قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) .وقصة الإمام أحمد لَمَّا جاءَه الشيطان وهو في النَّزْع في سكرات الموت، وقال: فُتَّـني يا أحمد، وهو يقول: لا، بعد..لا، بعد..، أراد أن يوقِعَه في الغرور في هذه اللحظة، لكن الله سلَّم الإمام أحمدَ من ذلك .