15 سبتمبر 2025

تسجيل

رويدك يا سوء الظن

06 يوليو 2020

ثقافة سوء الظن التي يحملها البعض من أسوأ الثقافات، فإذا أتت على المؤسسة أنهت الثقة فيها، وأصبح التربص والتوجس والتحسس من كل شيء. وإذا أتت على المجتمع في مناحيه اليومية عكرت صفو حركة الحياة فيه. قال بعضهم: لا تسمه ثقافة وإنما هو مرض وخلق ذميم، وإيذاء بكل ما تحمله الكلمة من معان، وهو كذلك سوء أدب وقبح تصرف، ومهلكة، وهدم بُنيان قد شُيد. يأتي به من في قلبه مرض، ويجني به على نفسه وعلى من حوله، قال سبحانه (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا اجْتَنِبُوا كثيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إياكم والظنَّ، فإنَّ الظنَّ أكذب الحديث". وقال الإمام الماوردي رحمه الله "سوء الظن: هو عدم الثقة بمن هو لها أهل"، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله " سوء الظن: هو امتلاء القلب بالظنون السيئة بالناس، حتى يطفح على اللسان والجوارح"، وقال الإمام ابن كثير رحمه الله سوء الظن "هو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله". وهناك فرق بين سوء الظن فهي صفة مذمومة سلبية كريهة الفعل من صاحبها، وبين الاحتراز والفراسة والحذر والفطنة والتنبه فهؤلاء من القيم والصفات المحبوبة الإيجابية. فكم من علاقات دمرها سوء الظن؟ وكم من نفس هادئة زعزعها وحطمها سوء الظن؟ وكم من بيت هدم بسبب غمامة سوء الظن أظلته؟ وكم ظلمنا أنفسنا حين أسأنا الظن بالآخرين وتبين بعد ذلك غير؟ فلماذا الاستعجال؟. وكم من أصحاب وأصدقاء تفككت صحبتهم وصداقتهم من سوء الظن؟ وكم من مؤسسة إدارية أصبح موظفوها يقدمون سوء الظن على حسن الظن-مع أنه هو الأصل-؟ وكم من رقابة سلبية أثرت على العمل وسيره، وعكرت الأجواء البيئية الوظيفية الإدارية بسوء الظن فيما بينهم واهتزت الثقة فيما بينهم؟ وكم من أجواء نظيفة لوّثها سوء الظن، فأصبحت أجواء مسمومة عطلت الكثير من المصالح؟ وكم من متتبع لعورات الناس والبحث عن الزلات والتنقيب عن السقطات أتى بهذا كله الظن السيئ ؟. "فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ"؟. فمن مساحات الحياة الجميلة أن ينظر الإنسان بعقله ويتمهل، ويقف بسمعه ويتروى، ولا يسيء الظن بكل ما رأته عيناه ويحكم، لماذا؟ كي لا يندم طوال حياته على إساءة الظن بمن حوله، ويرمى في غياهب الظلام. فواشوقاه لحسن الظن والمباهج التي يحملها لنا!. "ومضة" " سوء الظن مرض يقتل كل ما هو جميل في الحياة"!. فهل نتدارك ما بقي من جماليات العلاقات أو نقتلها وننهيها بسوء الظن وقبائح التصرفات، فرويدك يا سوء الظن..!. al_ibrahim33@hotmailcom