17 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); شهر رمضان شهر الصبر والثبات، ومقاومة الأهواء والمغريات، وفيه ولدت هذه الأمة بنزول القرآن وهو شهر تحرر فيه الإنسان من كافة قوى الشرك والطغيان، حين انتصرت قوى الحق على قوى الظلم والعدوان، لم يثن الصوم جموع المسلمين حتى في أشد الظروف صعوبة وقسوة عن القتال في سبيل الله، بل كان لهم معينا ودافعا وحافزا على إنجاز النصر، وكسر شوكة قوى الشرك والاستكبار في كافة الأصقاع،، جاهدوا أنفسهم بالصبر على المكاره والرغبات ودحروا أعداءهم بالجهاد والاستبسال،كانت موقعة بدر الكبرى هي أولى المعارك الكبرى المهمة التي وقعت في شهر رمضان، بل لعلها أهم معارك التاريخ على الإطلاق، فلقد كان تأييد الله جل وعلا ومدده من فوق سبع سماوات جليا وكبيرا، ومدده سخيا وقويا، أيد رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالملائكة التي جندلت رؤوس الكفر، وبالمطر الذي ثبت أقدامهم، وبالنعاس الذي أمنهم وقوى أبدانهم وجدد عزائمهم، كما قلل الله سبحانه وتعالى المشركين في أعين المسلمين حتى ظن بعض الصحابة أنهم سبعون وظن آخرون أنهم نحو مئة، بينما كانوا في حقيقة الأمر نحو ألف، وهكذا حمي وطيس المعركة وبدأت منذ اللحظات الأولى بوارق النصر المبين تلوح في الأفق، ومن ساحة هذه الموقعة الخالدة انطلقت أمة الإسلام التي ولدت بنزول القرآن، وقدر الله عز وجل لها البقاء والخلود والاستمرار والازدهار، واستجاب الله لرسوله الصادق الأمين (صلى الله عليه وسلم) الذي جمع قلبه وروحه ونفسه وأطلقها جميعا في دعاء بلغ كمال الصدق، وغاية الرجاء، حين نظر إلى السماء، وقد اخضلت لحيته الشريفة بدموع التوسل والابتهال قائلا لربه: اللهم أن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض، أشفق أبو بكر الصديق على حبيبه المصطفى وقد رآه يذوب وجدا وقد سقط رداؤه من ذهاب نفسه وتطلع روحه وحرارة دعائه، فأخذ الرداء ووضعه عليه ثم التزمه من ورائه، ثم قال له: كفاك يا نبي الله بأبي أنت وأمي مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك.وجاء رد السماء مطمئنا وداعما وسريعا (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ( 9 ) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( 10 ) إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ). نعم لقد استجاب الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم) وللمؤمنين الذين جاءوا لمنازلة المشركين متوكلين عليه مؤملين نصره، فكان النصر المؤزر المبين، وتهاوت رجالات قريش وولوا الأدبار، وقتل منهم سبعون وأسر منهم سبعون ولم يستشهد من المسلمين إلا أربعة عشر رجلا، ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار، قتل عتاة قريش وجبابرتها كأبي جهل بن هشام وأمية بن خلف وعتبة بن ربيعة وغيرهم من زعماء الكفر الذين كانوا من أشد القرشيين شجاعة وقوة وبأسًا وأكثرهم تصديا للدعوة الإسلامية.قال أبو سفيان بن الحارث ابن عبد المطلب لما رجع إلى مكة مجيبا عن سؤال طرحه عليه عمه أبو لهب يا ابن أخي أخبرني كيف كان أمر الناس؟ قال: والله ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقودوننا كيف شاءوا ويأسروننا كيف شاءوا، وأيم الله مع ذلك ما لُمت الناس، لقينا رجالاً بيضًا على خيل بلق بين السماء والأرض"، سمعت العرب بهزيمة قريش وفقدت قريش هيبتها وسيادتها ونفوذها وانكفأت أصنامها وبدأت شمس الإسلام رحلتها لتزيح العتمة من الدروب وتهدي الحيارى إلى الطريق المستقيم لقد بدأ الإسلام بعد موقعة بدر الكبرى يضيء جنبات الأرض، ويبدد جحافل الظلام التي جثمت على كل صقع ومكان، فاهتدى به الحائرون، واطمأن إلى عدله المظلومون، وتحرر به المستضعفون والمسترقون، ويبقى يوم بدر في ذاكرة الأجيال يوما لانتصار الحق على الباطل والتوحيد على الشرك والعدل على الظلم. وإيذانا بأفول شمس الإمبراطوريات التي لطالما أذلت الناس وأمعنت في استرقاقهم واستعبادهم ومص دمائهم ويبقى كذلك علامة فارقة في التاريخ الإنساني كله.