12 سبتمبر 2025
تسجيلروى الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع ، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ) . وقال: ( كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهَوُن عن المنكر، ولتأخُذُن على يد الظالم، ولتأطرنَّه على الحق أطراً، ولتقصرنه على الحق قصراً، أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض، ثم ليلعننكم كما لعنهم ) . وذلك الوعد الصادق بإجابة الدعاء ، وفتح أبواب السماء له ، لا يتحقق إذا عُطّلت شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما جاء عند أحمد والترمذي من حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لتأمرون بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ).إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمان للمجتمع من تلك العقوبات الإلهية ، وصمام أمان من انحدار المجتمع في مهاوي الردى واللحوق بركب الحياة البهيمية . وخير مثال لبيان ذلك ما جاء في صحيح البخاري من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة ، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على مَن فوقهم ، فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً ).إذاً: فالنجاة من ذلك بفضل الله تعالى أولاً ثم بتحقيق تلك الشعيرة ، وكما قال سبحانه: ( فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ) . وقال سبحانه : ( فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجيبا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين * وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون .)إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من أوجب واجبات الشرع ، بل قد عدّه بعض العلماء من أركان الإسلام، وقد فرضه الله تعالى على الأمة فقال سبحانه وتعالى: ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) . وروى الإمام مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) .وروى أيضاً من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من نبي بعثه الله تعالى في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ) .وبتحقيق تلك الشعيرة تتحقق الخيرية الموعودة بكتاب الله تعالى: ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) .