19 سبتمبر 2025
تسجيلالنجاة الحقيقية إنما تكون بالالتزام بشرع الله و تدبر آيات القرآن الذي يعتبر هادي البشرية ومرشدها ونور الحياة ودستورها، ما من شيء يحتاجه البشر إلا وبيَّنه الله فيه نصاً أو إشارة أو إيماءاً، علمه من علمه، وجهله من جهله. ولذا اعتنى به صحب الرسول صلى الله عليه وسلم وتابعوهم تلاوة وحفظا وفهما وتدبرا وعملا. وعلى ذلك سار سائر السلف. ومع ضعف الأمة في عصورها المتأخرة تراجع الاهتمام بالقرآن وانحسر حتى اقتصر الأمر عند غالب المسلمين على حفظه وتجويده وتلاوته فقط بلا تدبر ولا فهم لمعانيه ومراداته، وترتب على ذلك ترك العمل به أو التقصير في ذلك، وقد أنزل الله القرآن وأمرنا بتدبره، وتكفل لنا بحفظه، فانشغلنا بحفظه وتركنا تدبره! وليس المقصود الدعوة لترك حفظه وتلاوته وتجويده؛ ففي ذلك أجر كبير؛ لكن المراد التوازن بين الحفظ والتلاوة والتجويد من جهة وبين الفهم والتدبر. ومن ثم العمل به من جهة أخرى كما كان عليه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى.أما التدبر فهو كما قال ابن القيم: "تحديق ناظر القلب إلى معانيه، وجمع الفكر على تدبره وتعقله". وقيل في معناه: "هو التفكر الشامل الواصل إلى أواخردلالات الكلم ومراميه البعيدة"، قال الله تعالى: "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب" في هذه الآية بين الله - تعالى - أن الغرض الأساس من إنزال القرآن هو التدبر والتذكر لا مجرد التلاوة على عظم أجرها.ولذلك قال الحسن البصري: "والله! ما تدبُّره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله، ما يُرى له القرآنُ في خُلُق ولا عمل" !! قال تعالى:"الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به".روى ابن كثير عن ابن مسعود قال: "والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله"، وقال الشوكاني: "يتلونه: يعملون بما فيه" ولا يكون العمل به إلا بعد العلم والتدبر.