15 سبتمبر 2025
تسجيلهل هو اهتراءٌ أمني أم فعلُ فاعل، ما تشهده مدنُ وقرى ومحافظات لبنان؟.. في الشارع قطعٌ للطرقات وحرقٌ للدواليب ..وعلى المنابر، تبادلٌ للتُهم، وتراشقٌ بمفردات من قاموس الحياة السياسية المعتمد في لبنان. وبين فوضى السياسة واضطراب الأمن، شعب يتخندق في كانتونات طائفية ومذهبية، وحكومة عاجزة عن تنفيذ واجباتها السياسية. وهناك جولات للحوار تعقبها جولات تبحث في تنظيم الخلاف وتنقية الأجواء.. كلام كثير يحكي عن إيجابية الحوار وطاولته المستديرة. وما من شيء يلمس في الواقع المعاش للبنانيين.. والسؤالان الملحان عند كل محطة .. إلى أين تتجه عجلة السياسة والسياسيين في ظلّ الفوضى القائمة؟.. وهل سيبقى الملف الأمني الرقمَ الصعب في بورصة الاستحقاقات السياسية؟.. وحين تحاول الإجابة على سؤال ما من مثل ما سبق يعترضك سيل جارف من الأسئلة التي تبدأ ولا تنتهي والتي تجد نفسك مضطراً أن تطرحها لكثافة ما يثار حولها من إشاعات في وسائل الإعلام وعلى ألسنة الناس في الشارع.. فهل يعقل أن يعرقل أداء الحكومة والوفاء بالتزاماتها السياسية من هو عضو فيها أو له فيها عدد من الوزراء؟ وهل يعقل أن يُتهم رئيس حكومة بالتآمر على أمن بلاده من خلال ما يروج البعض بأنه كان يدعم مجموعات مسلحة تقاتل في باب التبانة وجبل محسن خلال الأيام الماضية التي شهدت ما يشبه الحرب الأهلية والمذهبية، وذلك فقط من أجل حسابات انتخابية؟ هل يعقل أن يلوم رئيس الجمهورية وزراء في الحكومة وقيادات سياسية من أنها تشكل غطاء سياسياً لأناس خارجين عن القانون أو عرقلة القانون من محاكمة الفارين من وجه العدالة بعد أن تمكن من إلقاء القبض عليهم؟ هل يعقل أن تتهم تيارات سياسية عريضة بأنها تأوي مسلحين تابعين لتنظيم القاعدة؟ وهل يعقل أن يطلق أحد السياسيين على رئيس حكومة سابقة بأنه زعيم تنظيم القاعدة في لبنان؟ هل يعقل أن يخرج زعيم حزب مسلح ليقول إنه سيقاتل إلى جانب دولة جارة إذا ما تعرضت لعدوان خارجي دون أن يستأذن اللبنانيين ما إذا كانوا يقبلون أن يزجوا بأنفسهم وببلادهم في أتون معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟ هل يعقل أن يقوم شيخ معمم بقطع طريق تصل الجنوب اللبناني بعاصمته بيروت لرفع مطالب سياسية دون أن يجرؤ أحد على الاقتراب منه حتى إن وزير الداخلية يتحدث عن مفاوضات تجري من أجل حل سياسي؟؟ من الرابح من كل ما سبق؟ هل الشعب أم دويلات الطوائف وفدراليات الماليشيات المسلحة وغير المسلحة؟. ما سبق، غيض من فيض.. ومن يدعي قدرته على الإجابة عليها أو تحليل مضامينها فهو واهم، هذا في تقديري. المسألة اللبنانية لم تعد مسألة خلاف سياسي بين تيارات وأحزاب تحمل برامج سياسية مختلفة. كما أنها لم تعد مسألة تصارع قوى إقليمية ودولية على خطف لبنان إلى هذه الوجهة أو تلك. المسألة اللبنانية باتت أزمة وجود، وأزمة كيان، وأزمة شعب.. أزمة هوية ووطن ومواطنة. وليس من المبالغة في شيء أن نقول ذلك.. فهوية لبنان التي حسمها اتفاق الطائف الذي أنهى ما يسمى "الحرب الأهلية" عام 1989 من أن لبنان بلد عربي وجزء من محيطه العربي أصبحت هذه الهوية اليوم مدار نقاش وبحث من جديد. ولم يعد الخلاف ما إذا كان بلداً عربياً أم لا . وبات النقاش ما إذا كان بلداً مقاوماً وجزءاً من محور مقاوم يمتد من إيران فالعراق فسوريا وصولاً إلى غزة في جنوب فلسطين المحتلة أم أنه بلد غير معني بأثقال العالم العربي ومشاكله وهمومه، فهو أعجز من أن يكون رأس حربة في مواجهة المشروع الصهيو-أمريكي في المنطقة ولا أقل من تلك الدول التي انتقلت إلى كوكب الربيع العربي بمشروعه الديمقراطي الواعد.. المسألة اللبنانية باتت تدور حول ما إذا كان هناك شعب لبناني أصلاً، له همومه وتطلعاته الخاصة التي قد لا يتشارك بها بالضرورة مع شعب آخر، أم أنه مجرد رقم في قائمة من القوائم المأدلجة المساقة تحت ضغط الطروحات الشعبوية والعنترية، الغائب الوحيد فيها هو لبنان الوطن، ولبنان الشعب.