19 سبتمبر 2025
تسجيلمما لا شك فيه أن انتخابات 14 مايو 2023 القادمة بعد أقل من أسبوعين قد تكون الأهم في تاريخ تركيا، وهي الأهم من العمليات الانتخابية الجارية في دول العالم اليوم، بسبب حجم التنافس الكبير بين الأطراف المتنافسة ولأن نتيجتها سيكون لها دور في التأثير على سياسة تركيا الداخلية والخارجية والتي ترتبط بعشرات القضايا والملفات الدولية والإقليمية. بعد 22 عاما من حكم حزب العدالة والتنمية لتركيا، يخوض حزب العدالة والتنمية وحلفاؤه ومرشحهم للرئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان هذه المرة الانتخابات في ظل تنافس شديد بعد أن استطاعت المعارضة التركية التجمع في طاولة ضمت 6 أحزاب بعضها أحزاب محافظة صغيرة، أطلق عليها اسم الطاولة السداسية كما استطاعت التفاهم ضمنيا مع الحزب الكردي المعارض حزب الشعوب الديمقراطية الكردي على دعم مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية وهو الأمر الذي لم يحصل من قبل وعليه كانت الأمور في السابق أسهل على الرئيس رجب طيب أردوغان وحلفائه. من زاوية أخرى تستمد المعارضة زخما في تنافسها الحالي من فوزها في 2019 بالبلديات الكبرى في تركيا مثل بلدية إسطنبول وبلدية أنقرة واستمرار فوزها في بلدية إزمير وهي البلدية التي لم يفز بها حزب العدالة والتنمية خلال حكمه. كما أن المعارضة ركزت خلال الأعوام الماضية على تراجع وضع الاقتصاد وارتفاع نسبة التضخم وتراجع العملة وملف اللاجئين الذين تزايدت أعدادهم في البلاد وحاولت مؤخرا الاستفادة من أزمة زلزال فبراير الذي كان أكبر كارثة تضرب تركيا على مدار تاريخها. ولكن مع كل ما سبق قام الرئيس أردوغان بجملة تكتيكات ذكية رفعت أسهمه وأسهم حزبه ومنها توسيع تحالفه ليضم أحزاب الرفاه الجديد (حزب تركي محافظ) وحزب الهدى بار (حزب كردي إسلامي) كما قام بوضع أسماء كردية مهمة على قائمة حزبه في الانتخابات. قام الرئيس أردوغان في هذا السياق بتغيير شمل 70 % من نواب البرلمان بناء على قراءة شاملة لأسباب تراجع الدعم لحزب العدالة والتنمية في السنوات الأخيرة وقام بإدراج أسماء قوية أبرزهم الوزراء الناجحون وشخصيات محبوبة، وهو ما سيساهم في رفع نسب تأييد الحزب. كما قام الرئيس بافتتاح جملة كبيرة من المشاريع في مجال البنية التحتية والطاقة والمواصلات والإسكان والصناعات المدنية والعسكرية والحدائق، وقدم وعودا مهمة ومؤثرة لفئة الشباب. يبقى أن نقول إن النظام في تركيا هو نظام رئاسي ولذا فإن الانتخابات الرئاسية أهم من الانتخابات البرلمانية ولذلك فإن المعركة الأكبر هي على الرئاسة مع أهمية الانتخابات البرلمانية، وهنا بالرغم من التقارب الكبير فإن هناك عوامل تعطي أردوغان حالة من الارتياح النسبي، أولها الفارق في الشخصية والكاريزما والتجربة بينه وبين مرشح المعارضة، ثانيا، عدم وجود إجماع داخل المعارضة على شخصية المرشح، ويكفي أن نعلم أن الحزب المعارض الثاني كان على وشك ترك التحالف المعارضة بسبب اعتراضه على ترشيح كمال كليجدار أوغلو، ثالثا، لم يقدم مرشح المعارضة رؤية واضحة لقيادة تركيا بعكس أردوغان الذي قدم رؤية 2030، بل بدأ بتنفيذ بعض برامجها، رابعا، ينتمي مرشح المعارضة للطائفة العلوية وهو ما يجعل بعض المعارضين الذين يعطون أهمية لهذا الجانب غير متشجعين لمرشح المعارضة، خامسا، دعم حزب العمال الكردستاني المتهم بقتل آلاف الأتراك لمرشح المعارضة، سادسا وجود قناعة لدى العديد من الأتراك الذين ينتقدون الرئيس أردوغان على عدة ملفات بأنه الأقدر على معالجة هذه القضايا. مع الإشارة لعوامل الاطمئنان لفوز الرئيس أردوغان فإن الأمور ليست سهلة وهناك متغيرات تحدث بشكل يومي وتكتيكات تلجأ لها كافة الأطراف لحسم المعركة لصالحها.