13 سبتمبر 2025
تسجيلدنت لحظة الحقيقة وعلى الرئيس دونالد ترامب أن يقرر إن كانت بلاده ستخرج من الاتفاق النووي مع إيران، فالرئيس ترامب الذي يتوعد الاتفاق صبحة وعشية يستمتع بسماع دقات طبول الحرب التي تأتي بقوة من تل أبيب. ولا تبدو المحاولات الأوروبية في إيجاد مخرج مناسب ناجحة وبخاصة وأن ترامب صعد على شجرة عالية لا يملك أحد السلم المناسب لإنزاله. قبل أيام قليلة كتب الباحث في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك فيليب غوردون تقريرا يرى فيه بأن ترامب يقود أمريكا للخروج من الاتفاق دون وجود استراتيجية اليوم التالي، فخروج أمريكا من الاتفاق لا يعني لا مبالاة بمشروع طهران النووي، وعليه كيف يمكن أن تلتزم أمريكا باستراتيجية المنع — أي منع إيران من تطوير القدرة النووية — إن استأنفت إيران نشاطها النووي. فبالنسبة لكاتب التقرير لا يكفي أن تنسحب أمريكا من الاتفاق وعليها أن تضع استراتيجية واضحة للخروج حتى لا تكون قفزة في الظلام. كل ما نعرفه الآن أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على الأطراف التي تقيم علاقات تجارية مع طهران، وهذا بدوره يعقد من العلاقات الأطلسية ويضع حلفاء أمريكا من الأوروبيين في موقف صعب. حسابات الصقور في واشنطن واضحة، فهم يرون أن السماء لن تنطبق على الأرض في اليوم التالي للانسحاب، فإيران لن تهاجم أمريكا ولن تقتل جنودها وهي — أي إيران — لا يمكن لها مجرد التفكير بالعبث مع القوة العظمى الوحيدة. هذا الكلام وإن كان دقيقا إلا أنه يتغافل عن استعدادات تجري على ارض الواقع وهنا يمكن الإشارة إلى مواجهة قادمة بين طهران وتل أبيب تكون سوريا ساحة لها. تبدو المعادلة صفرية، فمن جانب، تسعى إيران من دون كلل إيجاد قواعد عسكرية لها في سوريا وتحاول إيجاد كريدور يربط طهران بالمتوسط. ومن جانب آخر، ترى إسرائيل أن الوجود الإيراني بسوريا هو توطئة لتقوية إيران في أي مواجهة عسكرية قادمة تراها نخب أمنية في تل أبيب بأنها مسألة وقت. فمحاولة إيران تضييق الخناق حول رقبة إسرائيل هو أكثر ما يقلق الإسرائيليين في الوقت الحالي، لذلك يمكن فهم دق طبول الحرب في تل أبيب والتهديد باستهداف كل من شأنه أن يقف بطريق إسرائيل حتى لو تطلب الأمر الاشتباك عسكريا مع الروس أنفسهم. وعودة على بدء، لا يبدو أن في جعبة واشنطن أي شيء سوى منع إيران من التخصيب بالقوة العسكرية في هذه الحالة، فلو اعتبرت طهران أن الاتفاق باطل وأنه لا يوجد ما يلزمها باتفاق تنسحب منه أمريكا فإن الأخيرة ستعتبر أن إيران بصدد استئناف مشروعها النووي. صقور الإدارة وعلى رأسهم جون بولتن وبومبيو يرون أن بإمكان أمريكا تدمير المنشآت النووية بيسر من خلال شن هجمات جوية مكثفة وأن بلادهم تملك هذا الخيار. لا شك بأن أمريكا تمتلك ما يلزم لشل القدرات الإيرانية، لكن المعركة في حال وقوعها ربما تتحول إلى إقليمية تشمل الساحتين السورية واللبنانية، فإسرائيل تشترط إخلاء سوريا من أي بنى تحتية عسكرية للإيرانيين ويبدو أنها تفضل مخاطرة الحرب على التعايش مع وجود عسكري إيراني في سوريا قد يكسر التوازنات القائمة. ربما ينبغي التذكير بالتجربة الكورية، فمعارضة جون بولتون لأي اتفاق مع كوريا الجنوبية عام ٢٠٠٤ كان من شأنه أن دفع كوريا لتطوير أسلحة نووية وها هي الآن تفاوض من موقع قوة على عكس ما كان عليه الأمر في البداية. وعليه سيكون الانسحاب من الاتفاق مع إيران كارثيا إن لم يكن ضمن استراتيجية أمريكية واضحة تحقق فيها أهدافها.