29 أكتوبر 2025

تسجيل

حلبُ الإباء.. بين الكُرماء واللؤمَاء!! (1)

06 مايو 2016

دهشت دهشاً عجيباً وعشت وقتاً رعيباً، منذ سنتين، حين زرت عروس الشمال السوري "حلب" فرأيت ما فاق الخراب والدمار في الحربين العالميتين السابقتين، حلب التي نبتت فيها البطولات في كل فن وعلم، فقد مرّ عليها كبار الأعلام العظماء، ولا ننسى المتنبي وأبا فراس الحمداني والبحتري وابن خالَوَيْه وأبا الهدى الصيادي وعبد الرحمن الكواكبي وراغب الطباخ وخليل هنداوي وعمر بهاء الدين الأميري وعمر أبو ريشة و.. ممن حرثوا السماء بعزّتهم وسموّهم، ووصلوا قاع الأرض وأخرجوا الكنوز ومَخَروا عُباب البحار.. حلب التي مرّ بها سيدنا إبراهيم عليه السلام، واكتسبت بياضها من صفاء هؤلاء الأفذاذ وأمثالهم فلُقّبت الشهباء، وكم وردت من كتب تاريخية عن حلب كان آخرها (حلب في رحاب التاريخ والأدب) حلب التي فتحها أبو عبيدة بن الجراح وسيف الله خالد بن الوليد في خلافة عمر بن الخطاب. ولكن الذي حدث أن غزاها الفاطميون بعد اجتياح سورية بقيادة "مَنْجَك"، ولكن تحرّرت منهم. فلنتذكر لماذا يقاتل الإيرانيون وما يسمّى "حزب الله" والميليشيات الشيعية والنظام البشّاري كي يعيش السوريون تحت نير اللانظام. ولا ننسى كيف لم يستطع الصليبيون السيطرة على حلب وجاء القائدان نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي فصدّاهم كما صُدّ المغول عن الشام ورجعت حلب إلى حضن الحكم الإسلامي العثماني .إلى أن جاء حزب البعث وتَسلّق الطائفيون العلويون إلى السلطة في عهد حافظ أسد فدارت بينَ بينَ، وتسمّر الأكثرون على الثبات والتضحية وجاء بشار الابن فتواصل الأمر وكان الأقلّون منافقين لنظامه عقدياً أو عملياً وعلى رأسهم اليوم مفتي سورية "أحمد حسون" حيث نعق بأوداج منتفخة: إن قصف مشفى القدس في حلب إنما جاء من إحدى مجموعات المعارضة كي تتهم فيها النظام! وطالب بغضبة من الجيش السوري لينهي الأزمة ! كما هاجم تركيا التي تدّعي الإسلام ثم لا تجعل اللغة العربية لغة البلاد الرسمية ! يا عجباً، الترك عجم والإيرانيون عجم فلماذا هؤلاء دون هؤلاء إنه النفاق. إن هذا المجرم يحاول أن يقطع الخلق في الشام عن الحق! وأنّى له ذلك، فليس فيه ولا في أبواق المنافقين أي إنصاف أو حتى خجل مما يحدث في حلب من صناعة الموت لحظياً، فالأم تصرخ عالياً: أين أولادي وهم يصرخون: أين بابا، أين ماما، وطفلٌ يقول بعد أن سحب من الأنقاض: قل لا إله إلا الله فيستجيب الرجل، فيرفع الصبي صوته ثانية إلى عاشرة أو أكثر وحِّد الله، أين أبي، أريد بابا، ماما، ومثله المئات، فأذرع الناس على أعناقهم ولهب الحرب يحرق كل قرنفلة ووردة في الربيع السوري اليوم فهي تشتعل لتنير طريق المجاهدين وتفتح طاقة للأطفال والكبار تحت الأنقاض ليصرخوا ويشيروا إلى الدفاع المدني، وأنفاس الأهل والأحباب الناظرين مختنقة ملتهبة كمال قال محمد المنبجي:قلبي جريحٌ إلامَ النزفُ ياحلبُ والعينُ حَرّى على الأحبابِ تنتحبُفهم يعرفون طبيعة اللانظام الطائفية الحاقدة.ولا أحد يسأل عن إزهاق الطفولة حتى معظم الحكام العرب والمسلمين والمجتمع الدولي وعلى رأسه إسرائيل وكيري أمريكا اليهودي الأصل ولافروف الحاقد على أهل السنة وتصريحاته المتواصلة بذلك، واستخدام البعد الديني الأرثوذكسي كما هي الشيعة الرافضة في إيران والتي تخسر يومياً في قتال حلب فقد أباد الثوار 34 منهم إضافة إلى الشبيحة والقوات الأخرى إلى 60 قتيلاً، ومع ذلك فقد اجتمع مجلس الأمن بدعوة من بريطانيا وفرنسا الأربعاء الماضي، وقرر باتفاق روسي وأمريكي وقف النار ولكن الروس والأسد- كدَيدَنهم- لم يلتزموا وتابعوا القصف، وصرّح الأسد في رسالة إلى بوتين أنه لن ينسحب من حلب حتى يسحق المعارضة! بَيْدَ أننا نجزم أن كل هذا إنما تم مع الروس والإيرانيين لإسقاط حلب، وهل تسقط حلب كما يتمنّون! فهذه (داريّا) في الشام بعد 3 سنوات لم تسقط! ولكن الذي يهم الشعب إنما هو التدمير وسياسة الأرض المحروقة والبراميل، لذلك يكون طلب رياض حجاب المنسق الأعلى لهيئة التفاوض صحيحاً وهو نشر الهدنة في سوريا كلها وليس اللاذقية ودمشق كنوع من التخطيط البيولوجيتيكي والجغرافي والديموغرافي من اللانظام، وكذلك لإجبار الناس على الفرار من حلب إلى تركيا وتفريغ الوطن، ولكن الشعب الحلبي صامد يهتف: لن تخيفنا روسيا ولا إيران، وسنبقى نذود عن الوطن ونموت فيه وكأنهم يرددون مع سعدي الشيرازي:لا تحسب الغابة خِلواً دائماً لعل في الغابة نمراً نائماأي بعد الأسود الثائرين. ونصيحتنا دوماً لهم: إن الذي يخلع ثيابه يبرد، فاستمروا في التجهيز واصبروا فإنما النصر صبر ساعة وفوِّتوا على تجار الحروب وكلاب إبليس مآربهم. واتحدوا فلابد من طلوع الفجر بعد هذا الليل.