13 ديسمبر 2025
تسجيلمن يقرأ سيرة الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليقف عندها وقفة تأمل، ووقفة اقتداء، لأنه رضي الله عنه تربى في مدرسة النبوة وما أعظمها من مدرسة وجامعة، فصاغ حياته وحركته في الحياة على منهج الله تعالى، فأقام العدل وأزاح عن دنيا الناس منظومة الاستبداد بكل أنواعه، وأزاح أعظم دولتين مستبدتين في الأرض دولة المجوس الفرس ودولة الروم، فكان عهده وخلافته خلافة راشدة على الإطلاق سياسة واقتصادا وإدارة ومحاسبة وتنظيماً للمال وشؤون الأمة، بل حياته كلها هي دروس عملية بامتياز ومن الطراز الأول لا يستغني عنها أحد مهما كان منصبه وعلا شأنه. ونذّكر بهذه الأوّليّات العمرية من عدة جوانب، فمنها: أولاً حبنا وحب الأمة جميعاً لعمر رضي الله عنه الصحابي الجليل، وتأكيداً لمكانته العظيمة في الأمة ولا تحتاج إلى تأكيد مهما تطاول عليه فئام من الناس إلى يوم القيامة رضوان الله عليه وهي الثانية، والثالثة: معرفة ما قدمه للأمة من خدمات وأعمال جليلة، فكان رضي الله يمسك بزمام المبادرة لا لنفسه وإنما للمجتمع والأمة قاطبة بل للعالم، فمن أوّلياته السياسية في السياسة العامة: فهو "أول من سمي من الخلفاء بأمير المؤمنين، وأول من وضع التأريخ للمسلمين، وأول خليفة عس في عمله، وأول من عقد المؤتمرات للقادة والولاة في موسم معين، وأول من اتخذ القرارات المكتوبة المفسرة وعممها على الولايات، وأول من حمل الدرة وأدّب بها، وأول من جمع الناس على صلاة التراويح، وأول من جمع الناس في صلاة الجنازة على أربع تكبيرات، وأول من أوقف سهم المؤلفة قلوبهم وقفاً تاماً، وأول من أمر بمنح الجوائز لحفظة القرآن، وأول من جعل الخلافة شورى في عدد محصور". وهكذا.. فعندما نمعن النظر بعين البصر والبصيرة ندرك أنه رضي الله عنه ذو فراسة وبصيرة وصاحب رأي سديد صادق ومشمر للأمور والحوادث، وذو هيبة، وهذه الميزات وغيرها ما هي إلاّ لرجال اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. فكان عمر رضي الله عنه منهم، فهو عبقري"يعجز أي قائد أن يعمل مثل عمله" رضي الله عنه. "ومضة" قال صلى الله عليه وسلم "لقد كان فيما قبلكم ناسٌ محدثون، فإن يكُ في أمتي أحدٌ فإنه عمر" رواه البخاري ومسلم