الموسيقار عبدالعزيز ناصر.. وللعبقريّة عنوان (4)

العبقرية سمة من سمات عقلية موسيقارنا الراحل التي ليس لها حدود أجاد وأبدع في انتقاء ألحانه بعناية وبشهادة كافة الملحنين والفنانين العرب عاش عبدالعزيز ناصر في بيئة شجعته على مواصلة الابداع في مجال التلحين رغم بعض التحديات، ولعل وجوده مع نخبة من المهتمين بهذا الفن في عصره جعل منه شخصية نادرة صقلت هوايتها وموهبتها الفذة حيث طورها بشكل كبير فجعلت منه الموسيقار الاول في قطر وأحد البارزين على مستوى منطقة الخليج مع نخبة من الملحنين الذين عاصرهم وتنافس معهم في ايصال رسالة الفن الراقي الى الشعوب العربية. ومن الامور التي يجب ان نذكرها في هذا المقام عندما نتحدث عن حب عبدالعزيز ناصر لفنه ولوطنه الذي كان يؤمن بالاخلاص له طوال مشوار حياته منذ ولادته في عام 1952 وحتى رحيله عن هذه الدنيا في عام 2016 انه صاحب رسالة لم تتغير رغم تغير الظروف والاحداث. اهتمامه بإتقان ألحانه حيث عرف عن هذا الانسان المبدع انه لا يلحن اي اغنية دون دراستها اولا وقراءة معانيها التصويرية، بل كان يختار اغانيه بعناية شديدة واتقان لا يتميز به سوى عبدالعزيز ناصر. فقد كان يعتني بالكلمات التي يلحنها لدرجة انه كان يختار الشعراء وكتاب الاغنية المتميزين للتلحين لهم قبل بدء تلحين اي عمل فني. كما كان عبدالعزيز ناصر عندما ينتهي من تلحين اغنية يقوم بعرضها على بعض اصدقائه قبل نشرها للجمهور. حيث كان يريد معرفة مدى تقبل الناس لألحانه والاشادة بها ومدى قوتها ونوعيتها. وهو من العوامل التي يهتم بها دائما لكي تصل الى قلوب الناس بطريقة سلسة وتلقائية دون تكلف، وهذا ما سعى لتحقيقه في اغلب مشاريعه الملحنة. والشيء الأهم في ألحانه: انه عندما ينتهي من تلحين بعض الاعمال سواء كانت الوطنية او القومية او العاطفية او الانسانية كان يقوم بدفع تكاليفها على نفقته الخاصة دون الاعتماد على اي شخص او مؤسسة لتمويل اعماله الملحنة، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى، فإنه كان يختار التوقيت المناسب لطرحها في الاسواق واهدائها لعشاق فنه والمهتمين بالشأن المحلي والخارجي، لانه لا يوزع اعماله الموسيقية طوال ايام السنة، بل كان يختار بعناية الموعد المناسب لها لكي تصل الى القلوب مباشرة وعدم طرحها في اوقات ينشغل فيها عشاق الكلمة واللحن الجميل.   اهتمامه بتكريم سمو الأمير لعل من الاشياء التي لا يعلمها اغلب الناس عن شخصية عبدالعزيز في حب الوطن وحب رمز هذا الوطن وقائده حضرة صاحب السمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر انه عندما قام بتكريم عبدالعزيز في سنة 2014 م ومنحه شهادة تقدير موقعة من سموه، قام عبدالعزيز في اليوم الثاني بإيقاف كتابه الذي انتهى من طباعته ليضيف إليه في ذلك العام صورته مع سمو الأمير حين كرمه ومنحه شهادة التكريم حيث ألحق الصورة في نهاية الكتاب ثم قام بطباعته من جديد وانتهى من ذلك في عام 2015م عندما طبع في دولة الكويت الشقيقة، وكان يعتزم توزيع كتابه الذي يحمل سيرته الذاتية وتجربته مع مشوار حياته الاجتماعية والفنية ولكن المرض بدأ يداهمه ويتمكن منه فبدأ يشعر بدنو أجله حيث رحل عن هذه الحياة في صيف 2016 م قبل ان يخرج كتابه الى النور الذي مكث في إعداده سنوات طوالا، حيث تم تدشينه في 20 مارس 2018 على المكان الذي شاءت الاقدار ان يحمل اسمه بعد رحيله في سوق واقف وهو "مسرح عبدالعزيز ناصر"، ذلك المكان الضخم الذي يضم ما يزيد على أكثر من 900 مقعد. كلمة أخيرة:      الحديث عن موهبة وعبقرية عبدالعزيز ناصر يطول، وهو حديث ذو شجون، ولعل في الأيام المقبلة نكشف عن بعض الجوانب المجهولة من حياة أحد أبرز المبدعين في تاريخ قطر الحديث، ولعل "أبو ناصر" يستحق منا هذه الوقفة التفصيلية من تاريخه الإبداعي في مجال الفن، وللحديث بقية.