17 سبتمبر 2025
تسجيلاستكمالاً لما بدأنا الحديث بالأمس حول مسألة الأرزاق، والقلق الذي يبديه البعض تجاهها، نواصل اليوم لنؤكد حقائق معروفة ومفهومة للجميع، ذلك أن انهماك الناس بالدنيا والتهافت على ملذاتها وأطايبها جعلتهم يتناسون تلكم الحقائق، فصاروا في قلق وتوتر وخشية على أرزاقهم وكأنما ستذهب الى غيرهم!! لنواصل الحديث إذن، ولنتفهم بعض النقاط حول الأرزاق التي قد تُثار بين الحين والآخر، فإنها قد تثير شكوكاً وربما أدت عند البعض الى شيء من الزعزعة في الإيمان.. فاليوم قد نرى مسكيناً ذا متربة يشفق أحدنا لحاله، وهو يكاد لا يفارق مصلاه.. وقد تجد شخصاً آخر ظالماً متجبراً ومن المتكبرين، ومع ذلك تجد عنده من (الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة) من المال المتدفق عليه وبأشكاله المتنوعة وبشكل مستمر لا يتوقف. السؤال أو التساؤل ها هنا قد يطرح نفسه ويقول: هل الرزق مرتبط بكثرة العبادة أو قلتها؟ هل هناك علاقة بين الرزق الواسع وبين دين المرء؟ هل هناك منطق إلهي مختلف عن منطق البشر في مسألة الأرزاق؟ الأسئلة في هذا المجال كثيرة قد تطرأ على البال في أي وقت أو أنها طرأت على بالك في لحظة من لحظات التأمل والتساؤل. الحقيقة التي يجب أن ندركها ولا نختلف حولها مطلقاً، هي أن الله سبحانه وتعالى له حكمته الخاصة في تلك المسألة الحرجة، مثلما له حكمته في الأمور كلها، كأن يموت الصغير قبل الكبير، أو أن تتزوج امرأة وتعنس أخرى، أو يرزق الله رجلاً البنات ويحرمه الأولاد أو العكس، أو غيرها من أمور حياتية كثيرة لا نفهمها بعقولنا المحدودة، حتى وإن تفتقت عن أفكار غاية في العبقرية والإبداع والفهم.الله سبحانه له حكمته في أن يوسع في رزق ذاك الغبي الجاهل أو ذلكم الفاسق العربيد، أو كافر يعادي الله ورسوله والإسلام والمسلمين، أو ملحد بليد لا يعترف بوجود الله أو أبله آخر يشكك في وجوده سبحانه، في حين يضيق الرزق على ذاك العابد التقي النقي، أو مؤمن مخلص نظيف القلب، أو مجاهد في سبيله أو داعية يهتدي على يديه الآلاف من البشر. فما هذا المنطق؟ هذا هو حديثنا بالغد إن شاء الله.