11 سبتمبر 2025

تسجيل

الفوضى السياسية وسلبياتها على الاستثمارات العربية

06 أبريل 2014

يشهد العالم العربي الكثير من الهزات السياسية التي تضرب في مقتل معدلات الاستثمارات الواردة نتيجة للفوضى السياسية التي تعم معظم البلاد العربية، أو التي تنتظرها، ولا شك أن ذلك له تأثيرات سلبية على منطقة الخليج، ولاسيَّما ما صاحب ذلك من انفلاتات أمنية مستمرة، لم تتم السيطرة عليها، وتعبر عن عدم الاستقرار الذي نتجت عنه خسائر مباشرة أو غير مباشرة في الاقتصادات العربية بنحو 800 مليار دولار، الأمر الذي يفاقم حجم المخاطر التي تفجر الأزمات الاقتصادية بشكل كبير، وتتسبب في تخوف المستثمرين الأجانب وإحجامهم عن السوق العربي، ويحرمه بالتالي إيجابيات الاستثمار، نظرا لأهمية الاستثمارات الأجنبية المباشرة وقدرتها على المساهمة في حل المشكلات الاقتصادية المتعلقة بتوفير وتطوير البنية الأساسية، وتوطين التكنولوجيا الحديثة وتعزيز المنافسة في السوق المحلية وخلق فرص العمل الجديدة، وتطوير التشريعات المنظمة لآليات الاستثمار وحماية حقوق الملكية الفكرية، وأساليب التحكيم في حال المنازعات، وحرية تنقل رأس المال والضمانات التي تضعها الدولة في هذا الشأن، والإعفاءات الضريبية والجمركية، والأنظمة البنكية وميكنتها واستخدامها للتكنولوجيا وطرق تأمينها والالتزام بالمعايير الدولية، ومصادر التمويل المتاحة. باعتبار أن الاستثمارات الخارجية المباشرة في مختلف المصانع والمؤسسات تعد دليلا على ثقة المستثمرين الأجانب بأهمية الاستثمار في دولة ما، بعد دراسة الآفاق المستقبلية لاقتصاداتها، والمميزات والتسهيلات المقدمة، والحوافز التي توفرها الدولة، والتشريعات المتطورة التي تحمي الحقوق والالتزامات، التي تطبقها في ظل المنافسات الدولية التي تتصارع على جلب الاستثمارات، من بقاع العالم في ظل العلاقات الاقتصادية المتباينة التي تحكمها المصالح الدولية، وهذا يتطلب في البداية تشجيع الاستثمار المحلي في المقام الأول، والتركيز على قطاعات السياحة والصناعة والاقتصاد القائم على المعرفة في دعم التعليم وقطاع الاتصالات والقطاع الصحي، باعتبار أن هذه المجالات هي الواجهة الحقيقية التي تبرز حجم الاستثمارات المتاحة والقائمة على الخريطة الاستثمارية، لأن ذلك يبين بوضوح مدى النجاح في جذب الاستثمارات الخارجية، ومدى الثقة في هذا الاقتصاد، من قبل المؤسسات المالية العالمية، التي تتجه نحو التجمعات أو التكتلات الاقتصادية، والتي للأسف نفتقدها في محيطنا العربي الذي يزداد فرقة وتمزقا يوما بعد الآخر. الوحدة الاقتصادية قوة وصمود: على عكس ما كنا نأمل في الوحدة الاقتصادية التي تزيدنا قوة وصمودا أمام التحولات العالمية والمتغيرات التي تفرض علينا من دون القدرة على التأثير فيها بل التأثر بها سلبا، لأن التحولات الاقتصادية يجب أن تقودنا نحو التوسع شرقا وغربا وشمالا وجنوبا حتى ننجح في تكوين التكتل الاقتصادي العربي بكل ما به من موارد وقدرات وطاقة هي الأكثر والأوفر في العالم، الأمر الذي كان يمكن أن يجعل من المنطقة العربية التكتل الاقتصادي الأقوى والأنجح في العالم، والقادر على تكوين الشراكات الجديدة مع مختلف الدول والتكتلات الاقتصادية العالمية والإقليمية في آسيا وإفريقيا، والتي يمكن أن تحميها أو أنها تعمل تحت غطاء سياسي قوي متجانس، ولكن ما تشهده المنطقة العربية هو كمن يسبح ضد التيار، وبالتالي لا يمكن أن يصل إلى نهاية الطريق أو حتى يضع قدمه على بدايته، حتى يحفظ مكانه ومكانته، في عالم متخبط لا يسمح للبقاء إلا للأقوياء، وهذا يجعل العرب جميعا أمام تحديات جسام في المرحلة القادمة، ولا يمكن أن تنجح في مواجهتها في ظل الفوضى السياسية القائمة، التي تضعنا خلف العالم نتيجة للتراجعات الحادة في شتى المجالات، التي تجعلنا في حاجة شديدة إلى البحث عن بدائل سريعة تصحح مسار التدفقات الاستثمارية الأجنبية إلى المنطقة، وتصحيح مسار التنمية من خلال العمل على زيادة الإنتاج والإنتاجية وتحسين الجودة، والابتكار، والاندماج في الأسواق العالمية لتفادي الآثار السلبية للعولمة، خاصة أن الدول العربية، خاصة دول الخليج العربي لديها أكبر الفوائض المالية في العالم، التي أسهمت بشكل أو بآخر في انفراج بعض المشكلات التي تعرضت لها الاقتصادات الكبرى، والتي نجمت عن الأزمة الاقتصادية العالمية في السنوات الأخيرة، في حين لم يستثمر ذلك لتحسين الاقتصادات العربية، وقد يساعد على ذلك أيضا في وقتنا الحالي استمرار حالة الفوضى السياسية التي تعيشها المنطقة.