15 سبتمبر 2025

تسجيل

التعليم في عصر الذكاء الاصطناعي: تحديات وفرص

06 مارس 2024

التعلم هو عملية مضنية تستمر من المهد إلى اللحد. مع دخول الحاسوب في حياتنا، زاد إنتاج المعرفة ونشرها وأصبح الوصول الى المعلومات أسهل. عندما ظهرت محركات البحث مثل جوجل، أصبحت محركات البحث القديمة التي تعمل بطريقة التصنيف فاقدة للفعالية، وتغير نمط استخدامنا للإنترنت. والآن، مع تقنية الذكاء الاصطناعي التي تستطيع معالجة وتحليل كميات هائلة من البيانات، تتغير حياتنا مرة أخرى. وفي هذا السياق، يتسبب هذا التأثير في تحول كبير في مجال التعليم. في مجال تعليم الأطفال، يتلاشى دور الوالدين نتيجةً لتعرض الأطفال الآن لمقاطع الفيديو الترفيهية والتعليمية عبر الإنترنت منذ سن مبكرة جدًا. ورغم أن الوالدين قادران على تحديد الفيديوهات التي يمكن لأطفالهما مشاهدتها، يجهل العديد منهم هذه التحكمات أو يتجاهلونها. ونتيجة لذلك، تحدد أو توجه هذه المنصات ما يمكن للأطفال مشاهدته، وذلك عبر خوارزمياتها التي تعتمد على تحليل سلوك المستخدمين وتقديم محتوى مخصص وفقًا لتفضيلاتهم واهتماماتهم الشخصية. بالرغم أن العديد من منصات التواصل الاجتماعي تفرض شرطًا للعضوية بحد أدنى للسن المسموح به وهو 13 عامًا، إلا أنه من المعروف أنها تتبع سياسات تجاهل هذه الشروط لتعويد الشبان الصغار إلى منصاتها. ينقص تأثير الأسرة والمدرسة على الشبان الذين يتعرضون لوسائل التواصل الاجتماعي في سن مبكرة جدًا. وعلى الرغم من رغبة الأسر في مراقبة المحتوى الذي يتعرض له الشبان، يصبح من الصعب عليهم فعل ذلك. من ناحية أخرى، يمكن أن تكون لتقنيات الحوسبة والذكاء الاصطناعي بعض المساهمات الإيجابية في مجال التعليم. على سبيل المثال، يمكن جعل عملية التعلم أكثر ديناميكية وجذابة باستخدام الذكاء الاصطناعي. يمكن تخصيص التعلم بشكل فردي وفقًا لقدرة الطالب وسرعته في الفهم. يمكن تنظيم العلاقة بين المعلم والطالب بشكل فعال من خلال توفير ردود فعل يومية ونظام تقييم ديناميكي. سيكون من الممكن التدخل بشكل أسرع في حالة وجود مشكلة. سنشهد أقل حالات ترك المدرسة بسبب سلوك بعض المعلمين، التي كنا نشهدها كثيرًا في الماضي. مع استخدام التعليم عبر الإنترنت وتقنيات الذكاء الاصطناعي في المجال التعليمي، يتوقع بعض الخبراء تغيير مفهوم المدرسة التقليدية وأن تنتهي مشكلة الوصول إلى المعلومات ولكن قد تظهر مشكلة في استيعاب تلك المعلومات من طرف الطالب. يشير ذلك إلى أن راحة الوصول الدائم إلى المعرفة قد تقلل من الشعور بالرضا الروحي الذي ينبع من تعلم أمور صعبة. بالفعل، يُتوقع تراجع حافزات القراءة بين الشبان مع توسع استخدام التكنولوجيا. ومع استخدام الذكاء الاصطناعي، سيتمكن أولياء الأمور من متابعة الطلاب عن كثب. وكما كشفت الأبحاث التربوية، عندما يراقب الآباء التقدم المدرسي لأطفالهم، يصبح الشباب أكثر انضباطًا ونجاحًا. أيضا يمكن بسهولة إعداد نظام لتقييم الطلاب، ويمكن جعل عملية التعلم أكثر متعة من خلال الألعاب والوسائط المرئية. باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن تحويل التعليم إلى عملية أكثر حيوية وفعالية. يمكن أن تأخذ العديد من مجالات التدريب، مثل محاكاة الطيران، شكلًا أكثر بصرية وتفاعلية. ومع التعليم المحوسب والذكاء الاصطناعي، ستزايد أهمية الوصول إلى المعلومات والتعلم الذاتي والبحث بشكل أكبر من عملية نقل المعرفة التقليدية. بل ويُمكن تدريس الدورات الأساسية في المدارس الثانوية أو الجامعات بواسطة عدد أقل من المعلمين والأساتذة. في حين يتفاعل المعلم التقليدي مع 20-30 طالبًا في الفصل، يمكنه الآن التفاعل مع مئات أو حتى آلاف الطلاب في نفس الوقت عبر الإنترنت. وهذا يعني أن العديد من المدارس قد تواجه تحديات مالية والإفلاس، مما قد يؤدي إلى فقدان الوظائف لعدد كبير من المعلمين. تماشي المناهج المدرسية مع تطورات الذكاء الاصطناعي يعد أمرًا ضروريًا. باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يصبح بالإمكان كتابة مقالات حول أي موضوع تقريبًا، بالإضافة إلى إعداد العروض التقديمية بسهولة. ومع ذلك، يتطلب هذا التحول إعادة تدريب المعلمين للتأقلم مع هذه الفترة الجديدة. لو نتذكر التحديات التي واجهها بعض المعلمين في التعليم عبر الإنترنت خلال جائحة كورونا، يتضح أن هذا التغيير قد يمثل تحديًا إضافيًا يجب على النظام التعليمي التكيف معه. الفعل، سيكون للذكاء الاصطناعي تأثير كبير على المكانة المركزية للمدرسة في ميدان التعليم، مما يستدعي تغييرًا في العلاقات بين المدرسة والمجتمع. من ناحية أخرى، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدعم التعلم طوال الحياة. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي الفروق في وصول أدوات التعلم الرقمي إلى زيادة عدم المساواة الاجتماعية بدلًا من تقليل الفجوة بين فئات المجتمع. وبما أن الذكاء الاصطناعي لا يزال في مراحله الجديدة، فإن المخاوف المتعلقة بتدمير التفكير النقدي وتزايد الإدمان على التكنولوجيا، جنبًا إلى جنب مع المخاوف المتعلقة بالخصوصية والأخلاق، تظل قضايا تحت النقاش. ومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير كبير على العمليات التعليمية إلى جانب تأثيره على مجالات الحياة الأخرى.