12 سبتمبر 2025

تسجيل

من أساء إلى الفصحى؟

06 مارس 2016

يحدث في المحطات العربية أمر خطير، فبدلًا من أن تحرص وسائل الإعلام العربية -ومن أخطرها الفضائيات العربية- على اعتماد اللغة العربية ولو في صورتها الحديثة والمبسطة، نجدها تعتمد العاميات واللهجات في الأغلب. أما اللغة الفصحى والعربية فهي لا تستخدم إلا في ما لابد من اعتماد العربية فيه، وهي نشرات الأخبار والمواد السياسية والأدبية، ولكنها حتى عندما تعتمد العربية لا تفيها حقوقها المكرسة في كتب الصرف والنحو. ويتساوى في ذلك كما يقول أحد الناقدين خريج كلية الحقوق أو كلية العلوم مع خريج كلية الآداب، فالعربية عندهم جميعا لغة شبه مجهولة، وكأنهما كما يقول قدما إلى المحطة الإذاعية أو التلفزيونية من عالم الاستعراب أو الاستشراق لا من عالم الناطقين بالعربية منذ أقدم الأزمان. هذه الوسائل الإعلامية التي تخاطب العالم وتدخل كل بيت وترافق الناس حتى في الطريق، عليها أن تنشر ثقافة الفصحى وتحافظ عليها، لا أن تهمشها وتفضل عليها اللهجات الأخرى باختلاف أنواعها وأشكالها، فقد أصبح شيئا معتادا أن نسمع أو نرى برنامجا يخاطب المتلقي بلهجة وإعلانا تجاريا يخاطبه بلهجة أخرى، وحوارا بين اثنين كل منهما يستخدم لهجة مختلفة بمن فيهم المذيع أو مدير الحوار، ونخشى أن الفصحى بعد أقل من عشر سنوات لن تعود تلك الفصحى التي كان يكتب بها كتاب وأدباء العرب وعمالقة الشعر والأدب، إنما لغة غريبة مزيج من اللهجات، ليس هذا فحسب بل ستحمل مفردات دخيلة من لغات أخرى وتصبح هي لغة الحياة وتحفظها الأجيال وترددها على أنها هي اللغة الأم، وينسى الزمن ذلك البحر الذي يكمن الدر بأحشائه، فالإعلام العربي مع الأسف ذلك الذي كنا نحسبه السلاح الناجح ضد أعداء الفصحى، أصبح اليوم سلاحا بأيديهم يوجهونه كيفما رغبوا، ومن يراقب حركة النشر في العالم العربي، يجد أن الكتب التي تصدر بالعاميات العربية على أنواعها، باتت تؤلف ظاهرة، لذا يؤسفنا أن نجد حتى حركة النشر في عالمنا العربي باتت أداة مساهمة في احتضار اللغة الأم تبقى إذن حالة شائعة تستوجب النظر فيها وينبغي أن ترقى إلى مستوى القضية العامة.