14 سبتمبر 2025
تسجيللرجال الدعوة في قطر تاريخ حافل في توجيه المجتمع والحفاظ على القيم الدينية، وصولاً إلى الذود عن الإسلام قدر المستطاع في ظل الموجات المعاصرة التي تحرض على الإسلام وتسيء إليه، حيث تشوه سمعته، فتحول عبر هذه الموجات الحق إلى باطل لجعله ديناً هشاً، ومضغة سائغة لكل حاقد له مخططاته الدنيئة للوقيعة بين أبناء الإسلام، بغية الابتعاد عنه بكافة الوسائل مع كل أسف. وخلال القرن الماضي عرف في قطر العديد من الدعاة ورجال الدين الأوفياء لدينهم، الذين امتلكوا القوة الإيمانية في نشر الدعوة والإرشاد حفاظاً على ديننا الحنيف واستمراره في درب التنوير إلى أن تقوم الساعة. الشيخ معجب الدوسري من هؤلاء الرجال الذين خاضوا غمار الدفاع عن الإسلام ونشر الدعوة إليه في كل الأصقاع، شيخنا المرحوم –بإذن الله تعالى– معجب بن درع الدوسري (1946-2021)، الذي رحل قبل أيام عن عمر ناهز 75 عاماً رحمه الله رحمة واسعة. والشيخ معجب أحد أبرز رجال الدعوة والعلم والإصلاح في قطر خلال العصر الحديث. ودرس العلم وتتلمذ على يد كبار العلماء في نجد، ومنهم الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز والشيخ عبدالعزيز بن يحيى آل حامد الشريف، وتخرج في دار المعلمين، ثم تنقل في بعض الوظائف بمجال الدعوة في الرياض ثم مركز الدعوة والإرشاد في البحرين، حيث ارتبط بأميرها الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة –رحمه الله– وبعد ذلك عمل بمركز الدعوة والإرشاد في الدوحة مع منتصف سبعينيات القرن الماضي (حوالي 1976م)، حيث كان المركز شعلة من النشاط ونشر الفتاوى داخل البلاد، حيث تولى الفقيد نشر الإفتاء والإشراف على إقامة المحاضرات العامة والدروس الدينية عبر كبار العلماء والدعوة داخل مركز الدعوة والإرشاد في قطر. مسيرة حافلة للشيخ بالعطاء عرف عن الشيخ معجب غيرته على دينه وعقيدته واحتسابه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال الحكمة والموعظة الحسنة، وله علاقات موسعة مع شيوخ وحكام قطر خلال الفترة السابقة، ومنهم سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وللشيخ معجب الدوسري مجلسه العامر، الذي يعقد بشكل يومي، حيث يقصده الناس لزيارته والاستفادة من علمه وتوجيهاته وأخذ الفتوى والمشورة منه. عرف عنه أنه من الزهاد في هذه الحياة وعبادته وتلاوته لكتاب الله باستمرار مع رقة قلبه وسرعة دمعته، وقد كان محبوباً من قبل طلابه وأحبابه الذين بكوا عليه يوم وداعه بالأمس للصلاة في جنازته بمسجد ابن باز ودفنه إلى مثواه الأخير في موقف مهيب، كما ألقى في جنازته قبل الصلاة عليه الشيخ عبدالرحيم الطحان كلمة مقتضبة فبكى وأبكى. عرف عن فقيد الدعوة محبة أهل العلم له والاهتمام بقضايا الأمة والدفاع عنها والذود عن حياض الشريعة قدر المستطاع. وبرحيل الشيخ الدوسري فقدت الأمة الإسلامية عالماً من علمائها المخلصين الأفاضل الذين نالوا محبة الناس بسبب غيرته على دينه حتى رحيله، وقد نعاه بالأمس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وأثنى على جهوده في خدمة الإسلام على مدى العقود الماضية. للشيخ معجب عدد من الأبناء: دكتور درع،حمزة، محمد، معاذ. اقتبسنا هذه المعلومات وغيرها من ابنه الدكتور درع الدوسري، والشيخ جاسم الجابر وبعض المواقع الإلكترونية عبر الإنترنت، التي نوهت بالداعية الراحل قبل وبعد وفاته. وللأمانة نقول: إن مركز الدعوة والإرشاد كان رائداً في نشر الفتاوى والكتب الدينية خلال فترتي السبعينيات والثمانينيات بل حتى قبل عام 2001 م، حين وقعت أحداث سبتمبر على الولايات المتحدة، حيث تم تشويه صورة الإسلام واختلطت الأوراق بين محسن ومسيء للإسلام بهدف ضرب الجبهة الداخلية لهذا الدين العظيم ولرجاله الذين كانوا وما زالوا يرفعون شعار الغيرة عليه ولو بعد حين. في الختام نقترح على أبناء الفقيد أن يتم إطلاق موقع إلكتروني يحمل أعمال وإنجازات الفقيد وما قدمه من جهود في الذود عن دينه موثقاً بالمعلومات والصور، لكي يتعلم منها أبناء اليوم ويسيروا على دربه ونهجه الدعوي فتكون بمثابة الزاد لهم في مواصلة درب التنوير والأخذ بالشباب في التمسك بالدعوة الحقة والخالصة لله. كلمة أخيرة رحم الله الشيخ معجب الدوسري، الذي قضى معظم حياته في الدفاع عن دينه، وتغمده الله بواسع رحمته وأسكنه الجنة.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.. اللهم آمين. [email protected]