30 سبتمبر 2025

تسجيل

بين الغارة الإسرائيلية والممانعة الأسدية الإيرانية!

06 فبراير 2013

لقد أخذت الغارة الإسرائيلية الأربعاء الماضي 30/1/2013 على مجمع البحوث العسكري في منطقة جامرايا بريف دمشق حيزا واسعا في الأخبار العالمية وكان وراءها تقارير وتحليلات وتفسيرات عديدة وكانت إسرائيل قد التزمت الصمت حيال هذا الحدث المفاجئ منذ سنتين من اندلاع الثورة السورية، إلا أنها وعلى لسان باراك وزير دفاعها أكدت ضمنيا ومباشرة أنها قصفت أربعة مواقع قرب دمشق وليس هذا المركز العلمي العسكري وحده مما يدعو للتساؤل بكل بداهة، هل بدأ التدخل الخارجي في المشهد السوري فعلا من جهة؟، وإذا كان كذلك فأين الرادارات السورية التي لا ترى تلك الطائرات كما أنها لم ترها أبداً في عدة هجومات سابقة حين اخترقت الأجواء السورية بغارتها الساحقة خريف 2007 وبلغت أهدافا حيوية في العمق بالمنطقة الشرقية الشمالية من بادية دير الزور إلى تخوم المثلث السوري العراقي التركي مرورا بمطارين عسكريين وعادت سالمة مطمئنة، وكذلك كيف تم الإنزال الأمريكي في البوكمال وكيف حلقت القاذفات الصهيونية فوق الاستراحة الرئاسية في اللاذقية؟ وكذلك كيف قصف معسكر حي الصاحب غرب دمشق إلى غير ذلك من الانتهاكات الإسرائيلية وهي في الحقيقة اختراقات مدروسة مسبقا، ولذلك كان الرد الدائم من القيادة السورية، سنحتفظ بالرد في الوقت المناسب، لذا فإننا نقول: ليس مستغربا في لعبة الدول ومصالح المافيات الحاكمة من المحتلين لفلسطين والمستبدين بحق الشعب السوري المغتصبين لدمشق والذين جاءوا بانقلابات عسكرية وتغلب انتخابي مزور فرضوه على الجماهير بالحديد والنار وعدلوا عمر بشار في سويعة ليفصلوا الرئاسة على مقاسه وهو ما ينقض بيعتهم على ما أكده الإمام مالك رحمه الله حين قال: إن مغتصبي السلطة لا بيعة لهم إذا كان بويع لهم على خوف، حيث ظهر لنا في عهد حافظ الأسد وابنه أن المحتل هو الذي نصبهم وأنهم كمستبدين عملوا ويعملون لحسابه وسيبقون على ذلك ليثبتوا الولاء المطلق له حفاظا على كراسيهم واستمرائهم قهر الشعب وإذلاله ونهب خيراته وتكديس المليارات دون أن يهمهم شأن الوطن بتاتا، وإلا فبماذا نفسر عدم الرد السابق على هجومات مدروسة يتخذها اللانظام تكأة لنفسه وأنه مستهدف ومقاوم وممانع وهو حينها وفي هذه الغارة الحالية لم يملك أي حراك ليقاوم به المحتل في حين تسرح قاذفاته وحواماته وتمرح في ربوع سوريا قصفا وحرقا وتدميرا كل ساعة دون كلل ولا ملل حتى ليصح فيه قول الشاعر: أسد علي وفي الحروب نعامة ربداء تنفر من صفير الصافر فأين المقاومة والممانعة منذ أربعين عاما؟، وأي عار وشنار أسوأ مما نراه في وقت يقصف فيه الصهاينة بلادنا وهو بكل وقاحة يشتد ويحتد في قصف شعبه وتدمير الشام وفي اليوم نفسه، أتدرون لماذا؟ لاشك أن المطلوب هو التدليل بقوة أنه ضد الشعب الذي تخافه الصهيونية، خصوصا بعد سقوط المستبد الذي كان ولا يزال أمينا في أداء المهمة ولابد له في النهاية وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة أن يطمئن من ولاه أنه يدافع عنه وعن أمريكا التي تدعمه، ولا غرو، فأمريكا هي أيضا التي وافقت وأعطت الضوء الأخضر لربيبتها في العقاب الأولي لأنه وعلى مدى عامين لم يستطع أن يخمد ثورة الأحرار وهي والصهيونية ومن لف لفها ما زال لسان حالهم ومقالهم يؤكد له: أخمد الثورة فإن فعلت فأنت باق في السلطة على رقاب المقهورين وإن لم تستطع فلك الملاذ الآمن دون أن ينبس أحد منهم ببنت شفة طالبا محاسبته بقوة وإدانته في مجلس الأمن وعبر محكمة الجنايات الدولية وإن ما قد نراه من مواقف بهلوانية في عدائه ما هي إلا لذر الرماد في العيون، ألم يقل أوباما أمس إن مساعدتنا ببعض الملايين إنما هي للشأن الإنساني فقط ولن نعمل على تسليح المعارضة حتى رد عليه السناتور ماكين هازئا، أبعد أكثر من ستين ألف قتيل لم يظهر أي موقف من الرئيس لإيقاف المذابح في سوريا، صحيح أننا نعتبر أن ثمة تقاسما للأدوار بين الساسة والتاريخ خير شاهد ولكن ذلك لا يمنع أن نرى بين الأعداء من يتأثر أحيانا لفداحة المصاب إنسانيا، فقد تجاوزت مأساة الشعب السوري كل توقع وأنا شخصيا قد رأيت بعيني امرأة عجوزا إنجليزية مثقفة خبيرة وهي تبكي إثر عرض مشاهد المذابح عبر القنوات، فقد يحدث هذا والتاريخ أيضا يدل على ذلك، فيكون فرد أو مجموعة أو دولة تعدل في بعض الشؤون حتى لو لم يكونوا مسلمين، وفي هذا يقول الفقهاء: كن مع الحق وإن كان صاحبه بعيدا بغيضا ومع هذا ينبري الموقف الإيراني على ألسنة ساسته الثعالب ليستنكر الغارة الإسرائيلية، فأين موقفكم حين صرحتم الأسبوع الماضي أن بشار الأسد خط أحمر وأن الاعتداء على سوريا هو حرب على إيران، فأين قوتكم وممانعة بشار؟ وهل يصبح الأحمر لونا أخضر إذا اختطته الصهيونية كما يقول صبحي الحديدي إن خرافة هذه الممانعة والمقاومة باتت نغمة ممجوجة لم يعد يصدقها حتى الصغار، إن أي غول يجب أن يقضى عليه لتستريح الدنيا منه وقد قال شكسبير: إن الضمير الحي عين الله في الأرض، ولا ريب أن ما يسوق المجتمع الدولي وعلى رأسه أمريكا من التذرع المخيف باستعمال الأسد السلاح الكيماوي إنما هو للتهرب من التدخل الحقيقي لإنقاذ السوريين الذين يضربهم وليس الصهاينة بهذا المحرم دوليا، في حين تتدخل إيران وروسيا وحزب الله علنا بالمال والرجال والسلاح، لكأن هذا المشهد هو الذي فرض على أهل الشام أن يبقوا عصاميين حتى في تصنيع السلاح الذي كانت له نتائج طيبة والحمد لله، ليس لدينا أي شك أن إسرائيل تريد الحفاظ على الأسد حتى آخر رمق وإن عزمها الآن إنشاء منطقة عازلة بعشرة أميال داخل الأراضي السورية انتهاكا لها، إنما هو دليل لخوفها من الجيش الحر المسيطر وليس من حبيبها وأبيه قبله، حيث تهنأت في عهدهما الطويل، يريد الأسد أن يدمر العالم إذا نحاه عن السلطة وهو اليوم جريح خطير يتلقى الضربات واللطمات دون أن يكون باستطاعته أن يفعل شيئا، فمسلسله قد انتهى وصلاحيته قد نفدت ولابد له أن يسقط، كان مع إسرائيل أو كانت معه، فمن سل سيف البغي قتل به بعد ذلك، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وستبقى سوريا لأبنائها البررة ولو حاول المخطط الإيراني والأسدي أن يقول: لا سوريا بعد الأسد. خسئوا وخابوا.