30 سبتمبر 2025

تسجيل

القيادة بالنظر في المرآة

06 فبراير 2013

هذا حال الأمة النظر في مرآة السيارة ومحاولة القيادة للأمام، وهذه تجربة أثبتت فشلها في قيادة الأمة، في أي من المجالات السياسية أو الاقتصادية أو التنموية أو حتى الاجتماعية، والخلط بين رؤية المستقبل والرؤية في المرآة هو بسبب النشأة والتعليم ونشأة المفاهيم، فإذا كان التعليم يعتمد الحفظ والتكرار ويحارب الابتكار والتفرد وأخذ المخاطرة، فهو يبني إنسانا يكرر الماضي واجتهاده في إتقان الماضي، ومحاولة منه صياغة المستقبل ورسم معالمه من خلال إعادة إنتاج الماضي، ومن جرب ذلك الأسلوب لقيادة السيارة فسيعلم مدى خطورة ما يقوم به في الشارع، أما في الفضاء السياسي والاقتصادي فذلك أخطر وأعم، وإن كان الماضي هو مصدر الوحي والمرجعية الأخلاقية إلا أن محاولات إسقاطه على حياتنا العملية هو جهد غير مجدٍ ومشروع لن يؤدي للجديد، ولا يمكن من التكيف مع واقع اليوم ولا التحول غدا، فالتمسك بالأساسيات من لغة ودين وعادات وتقاليد ومرجعية الأمة هو الأساس، ولكن يجب أن لا نقف عند ما قدم الأجداد بل يجب أن نضيف تفسيرنا نحن من خلال واقعنا اليوم ورؤيتنا للمستقبل، رؤية المستقبل من مرآة السيارة يدخل في اختناقات لا نهاية لها، نحتاج الماضي لأخذ الدروس والعبر، نرى ما كان مجديا وما كان سببا في المآسي والخسائر مثل الاقتتال الطائفي، ونرى ما كان سبب النجاح وتطوره ونبني عليه كالعدل الاجتماعي ومقولة متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ونجرب الجديد لنخلق تجربة جديدة تكون أساس العمل في المستقبل، فالعدل الاجتماعي الذي أوصى به عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو مفهوم المواطنة اليوم، وهكذا بعض الدروس واختراقات جديدة ليكون التحول بسلاسة وحكمة، وما ينطبق على شأن الأمة ينطبق على الشأن المحلي من مؤسسات وأفراد حيث إن مؤسساتنا المحلية ينطبق عليها نفس الوضع أي هل استفادت من أشغال من تجارب الماضي أم مازلنا نكرر أغلاط الماضي وكأننا ننظر في مرآة السيارة؟، هل غرفة التجارة لا تزال تنظر في مرآة السيارة أم هي تقدم على رسم المستقبل من خلال المشاريع والرؤية المستقبلية، هل المرور ينظر في مرآة السيارة أم أن هناك ما يدل على أنه يقدم الجديد من أجل خدمة المواطن من خلال رؤية حديثة تحافظ على حياة الإنسان وتحفظ وقته وجهده؟، من البداية لا بد لكل مؤسسة أن تراجع رسالتها باستمرار لمواكبة التغيير، وتجيب على هذا السؤال ما الهدف من إنشائها؟ وأن تجيب على هذا السؤال من وحي واقعها اليوم وتحديات المستقبل ورؤيتها الخاصة بها، وفي إجابتها يجب أن تضع من الجهد والابتكار ما يمكنها من تقديم أفضل الجهود من أجل خدمة الوطن وإعلاء شأنه، وكلما تمكن أفراد تلك المؤسسة من تحقيق غايات وأهداف المؤسسة أمكن تقديم خدمات يرضى عنها المجتمع، كلما اقتربوا من روح العمل والأساس لتجديد المؤسسات، فكل مؤسسة تستمر على نفس النمط ونفس الوصف الوظيفي لا بد من أنها في لحظة تكون قد دخلت لمرحلة جديدة دون أن تصحح مسارها فتكون بذلك تكرر عملها دون الحاجة له، فقد تجاوزها الزمن وهي لا تزال متجمدة على رؤية فاتتها الظروف وحاجة الحاضر لتصحيح مسار المؤسسة لمواكبة المستقبل، إن القيادة بالنظر في مرآة السيارة، تعطينا الطمأنينة التي تزودنا بها تلك الرؤية وتجعلها جاذبة ففيها نرى الممكن والمألوف، ولذلك يسهل أخذ القرار ويصبح صاحب القرار في منأى عن النقد أو التجريح، ويكون قادرا على الدفاع عن قراره بأن من سبقه عمل كذلك وأن المؤسسة اعتادت على ذلك، والبعض الآخر يجد في اللجان ملجأ له وهكذا يتم تأخير القرار أو إمكانية إلقاء التبعات أما على طبيعة المؤسسة أو على اللجان أصبح أمرا اعتياديا وفي متناول اليد، المجتمع في حاجة ماسة لأصحاب قرار يملكون الجرأة واتخاذ القرار حسب المعطيات، إن حتمية التغير والتحولات الداخلية والخارجية تستدعي التعاطي معها وإدخال العناصر الفاعلة في رؤية إستراتيجية المؤسسة المستقبلية لتكون جزءا فاعلا في مشاريع التنمية.