22 سبتمبر 2025

تسجيل

لا تعجبوا من الفيتو المزدوج .. اللصوص شركاء!

06 فبراير 2012

في كتابه "مختصر تاريخ الحضارة 4/196 ط 2" الإدارة الثقافية وصف آرنولد توينبي ميثاق الأمم المتحدة الشهير بأنه سخيف نظراً لأنه تضمن حق النقض "الفيتو" الذي تستعمله الدول الخمس الكبرى، حيث يمكن بموجبه إجهاض أي قرار لنصرة المظلوم. وحقاً ما قال آرنولد إذ أنه يجعل العقل والعدل نبراسين يجب أن تهتدي بهما البشرية وليس الهوى والتسلط والحماقة والظلم أدوات الهيمنة الوحيدة من قبل من يتمسك بها لقهر الناس تعديا وعلوا، وهكذا جاء حق النقض الفيتو لتتمتع به تلك الدول الخمس التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والصين وروسيا دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.. لتستعمله من أجل الإجهاض والإجهاز على أي قرار لا يراد منها أو من أحدها تمريره وإن كان مقبولاً للدول الأخرى داخل المجلس مع العلم أن هؤلاء الأعضاء الخمسة الدائمين هم الذين يقدمون نصف الميزانية الإجمالية للأمم المتحدة وكأن هذا شرط من شروط التحكم بها ويدل لذلك أن أي تغييرات لميثاقها يجب أن يقرها هؤلاء الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن، كما أنه لم يعلن أي منهم التخلي عن حق الفيتو الذي يعتبرونه مصدر قوة لدولهم وإذا كان حق النقض قد اعتبر بمثابة العمود الفقري لقيام الأمم المتحدة بنشاطاتها لحفظ السلم والأمن الدوليين بشرط إجماع هذه الدول الخمس الكبرى، فإن انقسامها وتصارعها حول إقرار قرار ما يعرقل تحقيق أهدافها بل ويعرض النظام الدولي لمخاطر قيام حرب عالمية ثالثة, لذلك فإننا لا نستبعد دقة التحليلات التي تذهب إلى أن الفيتو الروسي الصيني المزدوج ضد قرار إدانة النظام السوري الفاشي لمآرب معروفة عندهما ضد الدول الأخرى في المجلس وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قد يؤدي إلى حرب إقليمية بداية وقد لا تنتهي التوترات مع الغرب إلا بشن حرب عظمى، ومن الذي يدري فقد قامت الحربان الأولى والثانية على أسباب أقل من تلك التي نلاحظها اليوم، خاصة أن إزاحة أمريكا والغرب كقطب واحد بعد انهيار الاتحاد السوفييتي قد بدأت تتصاعد مع تحرك روسيا وريثة الاتحاد والصين، كذلك التي كانت لا تفتأ تعتمد على مساندة الروس في ثوراتها وقمع الأحرار، خاصة المسلمين في أراضيها كما في الاتحاد السوفييتي نفسه، فالحقيقة تثبت أن الروس والصينيين لا يقفون إلا إلى جانب مصلحتهم التي يحققها لهم الحكام الديكتاتوريون الذين هم ألعوبة بأيدي موسكو أو بكين، كما هو الوضع تماماً في المشهد السوري وليس لدى هؤلاء الأشرار المحاربين بغيا وعدوانا أي قيمة لدم يسفك وذبح وسحل وتمثيل وجناية على كرامات الشيوخ والأطفال والنساء فهم عديمو الرحمة كما يشهد التاريخ وهم تجار حروب رخيصة كما هم زعماء المافيا بصنوف أشكالها من اللصوصية الظاهرة والباطنة في المال إلى التسلق والتسلط في السياسة والانتخابات على الشعوب وهل يستطيع بوتين الذي يواجه عشرات آلاف المتظاهرين ضده كما هي البدايات ضد بشار الأسد أن يدينه؟ لابد أن يأمر باستعمال الفيتو ضد إدانة نظامه، وكذلك قل في موقف الصين وتنينها الذي لا يعرف إلا الالتهام بعد أخذ الدب نصيبه أما فريستهما سوريا الأسد الأب والابن فلابد من تقاسم الحصة من كل جهة وأهمها غنيمة البترول والغاز الذي كشف مؤخراً كما جاء وتواتر في الإعلام أن ميزانيتهما لمدة أربعين عاما قد بلغت مائتين وتسعة وثلاثين مليارا من الدولارات لم يدخل في ميزانية الحكومة السورية فيها إلا ما كان في عام 2011 فقط وأخذ المحللون الاقتصاديون يسألون أين ذهبت هذه المليارات والجواب معروف، والروس ومن معهم لا شك أنهم كانوا ومازالوا مستفيدين من هذه البقرة الحلوب على حساب الشعب الجائع المسكين الذي يدفع ثمن الرصاصة التي يقتل بها هذه الأيام، إن هذه المافيا الثلاثية سوف تستمر في غيها ولكنها كلما ظنت أنها ستربح سيؤول ربحها إلى خسارة حتى أمام تصميم هذا الشعب البطل الذي خرج في ثورة لن يعود عنها إلا بالتحرير وسقوط هبل أمام الأشهاد مهما كلفه ذلك، فالحرية لا تنال بلا ثمن والصراع سجال والألم متبادل ولكن المؤمنين يرجون من الله ما لا يرجو هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم كالآلهة على شعوبهم،نقول ذلك لأن استعمال الفيتو سواء كان من أمريكا ضد الفلسطينيين وطالما استعملته ظلما وعدوانا أو من الروس والصينيين اليوم ضد الشعب السوري المظلوم فإنه يسهم في إضعاف بل إعدام مصداقية مجلس الأمن كمؤسسة دولية لحل النزاعات، إنه لموقف مشين حقاً ما حدث أمام المجازر التي تحرك الحجر لو كان يعقل، سيما المجزرة التي لا تكاد تصفها الكلمات بحي الخالدية في حمص ولقد كان يظن الجميع أنه بعد نشوبها سيقول مجلس الأمن ما ينصف الضحية لكن كانت المفاجأة بعدها بقليل طبعا بالاتفاق مع الأسد – استعمال الفيتو ضد إدانة قمعه الوحشي، استغفر الله ليست مفاجأة فإذا عرف السبب بطل العجب، والحمد لله حيث طال الوقت بالثورة السورية لتهتك أقنعة المراوغين التي خدع بها الناس سنين طوالا، ولتثبت الحقيقة الناصعة أن مرحلة جديدة قد دخلت على الشعب يجب أن يثابر ويتحمل فيها مسؤوليته فهو ما خرج منذ البداية طالبا معونة من أحد لا من الأمم المتحدة ومجلسها ولا حتى من الجامعة العربية وإنما هب لله وفي سبيل الوطن والتخلص من الاستبداد والاستعباد وهكذا فإن من أهم نتائج هذا الفيتو انقطاع الأمل إلا من الله والاعتماد على النفس والاعتصام بالعزيمة والصبر، فالنصر صبر ساعة ولكن لا شك أن له حقا على المؤمنين (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر)، "الأنفال: 72"، وبهذا وحده تظهر فضيحة المجتمع الدولي الذي يدعي التحضر اللهم إلا من وقف معنا من الأحرار والحمد لله قد افتضح نظام الغدر والباطنية الميكيافيللي داخليا وخارجيا، حيث لا طريقة لهؤلاء في وقاية أنفسهم إلا النفاق الذي يدعو إليه ميكيافيللي إنه بإدامة استعمال الفيتو لم ينته الاستعمار وان من استعمله هو محارب لنا تماما لأنه يجعلنا به عبيدا وما هو لنا بسيد أبدا بل لعبده المدلل، إنه به غير عاقل ونحن بشرعنا العادل عقلاء لا نقبل أبدا أن نجلس في نادي السماسرة والجبارين، وإن مجلس الخوف ولا أقول الأمن بصفته الحالية مجلس مشؤوم منذ ولادته مشوه الخلقة كما وصفه مالك بن نبي رحمه الله وإن انعكاساته وبال على الشعب السوري ما لم يصح من سكرته ويراجع ضميره وإلا فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة لا فيتو فيها وتكفي غالبية الأصوات لصدور القرار وإننا بحماية العرب والمسلمين وبالجيش الحر والثوار سنمحو ليل الأشرار بنهار الأحرار بإذن الله. [email protected]