11 سبتمبر 2025

تسجيل

«أخذنا فألكَ مِن فِيكَ»

06 يناير 2022

كم في الفأل من راحة؟! وكم في الفأل من إحسان ظن وتوقع الخير!. وكم في الفأل من أبواب الأمل تفتح؟! وكم في الفأل من أنس وبهجة؟!. وكم من فأل حسنٍ أزاح هماً، وأراح ضميراً، وثبّت قلباً، وأتى بالخير ؟!. وكم من فأل جمع المتخاصمين، وقرّب المتباعدين؟!. وكم في الفأل من إحياء لنفس كانت متشائمة إلى نفس متفائلة تسعى إلى مواطن الخير وساحاته؟!. وكم في الفأل من أناقة وجمال وحياة؟! ومن يقرأ سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد الفأل في كل أموره وشؤون حياته وله مكانة، فكان يحب التفاؤل بالخير والاستبشار والتبشير به، «يعجبه الفأل الحسن»، «يعجبني الفأل الصالح»، وأنه صلى الله عليه وسلم» كان يتفاءل». وكان يُحب البشارة، ويُكثر من قول «أبشر». وجاء في كتاب أدب الدنيا والدين للإمام الماوردي رحمه الله «الفأل فيه تقوية للعزم، وباعث على الجِدّ، ومعونة على الظفر، فقد تفاءل رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم في غزواته وحروبه». ولما وقع سهيل بن عمرو أسيراً في غزوة بدر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه « يا عمر.. لعل سهيلاً غداً يقف موقفاً يسُرك» فكان من خطباء الإسلام رضي الله عنه. هذا هو الفأل عند صُنّاع الحياة. وكذلك في صلح الحديبية أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ممثل قريش هو سهيل بن عمرو-قبل إسلامه-رضي الله عنه قال « لقد سَهُل لكم من أمركم». فلنستثمر ونعزز قيمة الفأل في حياتنا وتعاملاتنا وفي كلامنا، ففيها اقتداء به صلى الله عليه وسلم، ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)). وفيها رفعٌ للمعنويات والدفع باللحظات الإيجابية إلى العمل الجاد النافع، ولنستجمع بها وسائل النجاح لبلوغ المقصود «وإنه ليسير على من يسره الله عليه». فعلى الإنسان أن يستقبل يومه وليله بالفأل، «فينبغي لمن تفاءل أن يتأوّل الفأل بأحسن تأويلاته»-كما ورد في كتاب أدب الدنيا والدين-. فحروف كلمة الفأل جميلة تدعو إلى معالي الأمور، وإلى مساحات الاستبشار والأمل والبناء في حركة الحياة، وتبعث الطمأنينة في النفوس والشعور بقلوب حية مفعمة بالتفاؤل من حولك. فما أجمل حركة الحياة بالفأل بدون تكلف!. ومن فقه مباهج قيمة الفأل وأهميته أدرك لماذا كان رسول الله صلى عليه وسلم يحبه ويدعو إليه!. وما حاجة الأفراد والمجتمع والأمة كذلك إلى شيء إلى حاجتها للتفاؤل، والبعد عن التذمر والتضجر واليأس والتشاؤم والتأفف. «ومضة» سمع صلى الله عليه وسلم كلمة من رجلٍ فأعجبته، فقال للرجل: «أخذنا فألكَ من فِيك». (أي عرفنا الخير الذي فيك من فمك، وكلامك الطيب، وذلك لأن الله تعالى جعل الفطرة محبة الكلمة الحسنة والفأل الصالح). فتأمل هذا اللفظ النبوي الهادف الجميل العملي وقف عنده طويلاً، ولا تتخلف عن مشاهده الإيجابية! « أخذنا فألكَ من فِيك». [email protected]