20 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ حادثة منى خلال موسم الحج الأخير، وطهران تحولت من دولة إلى ثورة في تعاملها مع السعودية. تصريحات إعلامية مثيرة من الساسة وقبل غيرهم، ضمن حملة استفزازات وتحديات، ما كان للمراقب إلا أن يتوقع عاقبة غير محمودة، فحدث ما حدث وقطعت المملكة علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع إيران، وللمرة الثانية خلال عقود ثلاثة!.المنطقة منذ أن خرج اللاعب العراقي القوي من دائرة الكبار الأقوياء بالخليج، بعد الهجمة التترية الأمريكية عام 2003، أصبحت بين قوتين لا ثالث لهما، السعودية وإيران.. ولقد كان الوجود الأمريكي المؤثر عاملاً مهماً في ضبط وكبح جماح إيران، التي رأت بعد فتور الهمة عند الأمريكان تجاه المنطقة، أن الفرصة مواتية لتفعيل مشروع تصدير الثورة من جديد، سواء بالخليج أو حتى التغلغل في العمق العربي من كل الاتجاهات.لقد تبين عملياً أن أمريكا ما عادت بتلك الحماسة وذاك الاهتمام بالخليج كما كان قبل عقود مضت، فالطاقة التي كانت مغرية لها بالمنطقة، قد اكتفت منها وخزاناتها الإستراتيجية مليئة تكفيها سنوات طوالا، وأنظارها اليوم متجهة صوب آسيا الوسطى، للحيلولة دون قيام اتحاد سوفييتي جديد، وقطع أي علاقة مستقبلية محتملة على شكل تحالف بين الروس والصينيين والهنود.. القوى المستقبلية الصاعدة.من هنا يمكن فهم عدم إبداء الأمريكان أي حماسة في الأزمة السعودية الإيرانية الراهنة مكتفية بالدعوة للتهدئة، ويمكن كذلك فهم سر تحولها والغرب تجاه إيران فجأة فيما يتعلق بالمشروع النووي، وهو رغبة الأمريكان أن تلعب إيران دور شرطي المنطقة إلى حين.. ولكن فيما يبدو أن منطق الثورة غالبة لدى ساسة إيران، وترك المنطقة أمامهم دون من يقف في وجههم، سيحول المنطقة إلى فوضى ما بعدها فوضى.خراب المنطقة لم يعد مهماً كثيراً عند الأمريكان، وهذا ما يجب أن يدفع بدول الخليج العربية إلى سرعة التعاضد والتكاتف ضد المد الثوري الإيراني السياسي، الذي لا علاقة له بدين، بل إن فكرة التشيع ما هي سوى غطاء لا أكثر.. ومن هنا نرى أن تعزيز المحور التركي السعودي بانضمام دول الخليج كلها إليه، سيكون صمام أمان للمنطقة وشعوبها إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.