15 سبتمبر 2025
تسجيلمستقبل أسعار النفط العالمية خلال الفترة القادمة، مازال مجهولا في ظل ارتفاع الفائض في الأسواق العالمية، رغم تراجع الإنفاق على الاستثمارات النفطية في كثير من دول العالم في العام الماضي، لكن التساؤل هو، هل ستظل الأسعار تتجه نحو سقف جديد أدنى من 25 دولاراً للبرميل، خاصة أن توقعات نمو الطلب لا تشير إلى أي علامة إيجابية توحي بانتعاش أسعار النفط، أم أن مستويات الأسعار خلال عام 2016 سوف تشهد انعكاسات ومتغيرات، خاصة مع سخونة الأحداث في الأسبوع الأول من العام وتوتر العلاقات الخليجية الإيرانية، وفي الشرق الأوسط، وتوقع صدمات جيوسياسية أو تعطل مفاجئ في الإمدادات من الدول الرئيسية المُنتجة، الأمر الذي يزيد من احتمالات اتجاه الأسعار للصعود ولو الطفيف، إلى جانب موافقة الكونجرس عن رفع الحظر عن تصدير النفط الأمريكي - والذي تم فرضه منذ عام 1973 - بأغلبية على مشروع قانون للإنفاق بقيمة 1.1 تريليون دولار لتمويل الوكالات الحكومية حتى سبتمبر 2016، ورفع الحظر المفروض منذ 40 عاماً على صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام مما يعني زيادة المخاوف من استمرار إمدادات النفط الأمريكية، رغم انخفاض عدد مصافي النفط، والتي من شأنها أن تشكل خطراً للمزيد من الهبوط للأسعار خلال العام الحالي، في ظل انخفاض أسعار الخام الأمريكي وخام برنت بنحو 68% بالمقارنة مع مستويات الأسعار في شهر يونيو 2014، وكذلك فقدت الأسعار 36% من قيمتها منذ بداية عام 2015، وهي انخفاضات حادة سيكون لها تأثير سلبي كبير على الدول الرئيسية المنتجة للنفط، وبخاصة دول الخليج، مع استمرار زيادة إنتاج النفط العالمي وتفوق العرض على الطلب، وتمسك أوبك بعدم تخفيض سقف إنتاجها حيث ضخت نحو 31.6 مليون برميل يومياً خلال شهر أكتوبر 2015، بالقرب من المستويات القياسية، بزيادة مقدارها 1.5 مليون برميل يومياً رغم ضعف أساسيات السوق، كما أن المنتجين الرئيسيين بقيادة المملكة العربية السعودية يركزون على الدفاع عن حصتهم في السوق والحفاظ عليها من خلال التمسك بأعلى مستوى إنتاج، في ضوء استمرار طفرة النفط الصخري، بالإضافة إلى المصادر غير التقليدية للإنتاج النفطي من الرمال النفطية في كندا، وإنتاج الوقود الحيوي المستخرج من بعض النباتات، كما أن هناك توقعات بارتفاع الإمدادات داخل الدول الأعضاء في أوبك، وهذا يؤدي إلى مزيد من المعروض النفطي، خاصة حين تبدأ إيران بتعزيز إنتاجها من النفط الخام مع رفع العقوبات الدولية عنها، بعد الاتفاق النووي الذي تم في يوليو 2015 مع القوى الغربية الكبرى وأمريكا، وبعد أن قامت إيران استقطاع 900 مليون دولار من صندوق التنمية الوطني، وتخصيصها للبنى التحتية اللازمة حتى تتمكن من رفع مستوى إنتاج النفط بواقع 500 ألف برميل يوميا، بعد رفع الحظر مباشرة، تعقبها زيادة مماثلة بعد أشهر لاستعادة مستوى تصديرها قبل فرض الحظر الغربي عليها، حيث تسعى إيران إلى مضاعفة صادراتها النفطية إلى 2.3 مليون برميل يومياً بحلول منتصف عام 2016، مما يضيف المزيد من المعروض من النفط والذي دفع بالفعل بالأسعار للتراجع في العام الماضي، ولا شك أن كل هذه العوامل أثرت بصورة مُباشرة أو غير مُباشرة على السوق النفطية، كما يمكن أن تدعم بصورة كبيرة استمرار الاتجاه الهبوطي للأسعار خلال العام الحالي 2016، بل ومن المتوقع استمرار انخفاض الأسعار على المدى المتوسط طالماً استمرت دول الأوبك، في اتباع سياسة رفع الإنتاج للحفاظ على حصتها الإنتاجية في الأسواق العالمية، خاصة أن وكالة الطاقة الدولية أكدت على أن إمدادات النفط العالمية قد تجاوزت 97 مليون برميل يومياً في أكتوبر 2015، لتزيد مليوني برميل عن مستواها قبل عام، مع تعافي الإنتاج من خارج «أوبك» عن مستوياته المتدنية التي سجلها في شهر ديسمبر الماضي، مع توقع أن يتراجع نمو الطلب العالمي على النفط إلى 1.21 مليون برميل يومياً في 2016 عن مستواه المرتفع البالغ 1.82 مليون برميل يوميا هذا العام، لذلك فإن المخاوف ستظل مستمرة بشأن ضعف صحة الاقتصاد العالمي، وذلك سيضع أسعار النفط تحت ضغط إضافي، ومما يؤجج المخاوف أن وفرة الإمدادات العالمية قد تبقى عند تلك المستويات لفترة أطول مما كان متوقعاً، وأمام هذه الفرضيات، ومن ثم على الدول أن تتخذ قرارات وإصلاحات على المدى البعيد، أقلها ترشيد استهلاكها المحلي من النفط، والتركيز على تطوير قطاعي التكرير والتسويق العالمي، وعدم الاعتماد على مورد واحد والتوجه بقوة نحو تنويع الاقتصادات حتى في دول منظمة الأوبك، ثم استيعاب كل ما هو جديد ومبتكر في مجال واستخراج النفط والغاز، لمواجهة كل الظروف والتحديات الاقتصادية، ولاسيَّما أن تقارير منظّمة التعاون والتنمية الاقتصاديّة تشير إلى أنّ الأرقام التي يسجّلها نموّ الاقتصاد هي أقرب ما تكون إلى الأرقام المرتبطة بالركود لعالمي.