15 سبتمبر 2025

تسجيل

المربّي والمعلّم الفاضل سعد محمد الكبيسي في ذاكرة الوطن

06 يناير 2016

تفقد قطر في كل يوم أحد أبنائها البررة واعلامها الذين خدموا هذا الوطن في شتى المجالات، ومن هذه المجالات المهمة مجال التعليم، حيث حمل هؤلاء الرجال والنساء معا لواء التعليم من أجل رسالته في شتى أنحاء المعمورة، فكانوا بمثابة العلماء والقيادات التي أفنت عمرها في خدمة هذا الوطن دون كلل أو ملل، وخاصة في فترة التعليم الزاهرة بدولة قطر التي رعاها وزير المعارف الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني طيب الله ثراه، تلك الحقبة التاريخية التي زرعت بذورها الاولى في عهده منذ خمسينيات القرن الماضي مع ظهور التعليم النظامي، وحتى وفاته.توفي بالأمس المربي الفاضل وسعادة الوكيل المساعد سعد بن محمد الكبيسي أحد المعلمين القطريين الأوائل في مجال التعليم، وأبرز القيادات التربوية والادارية التي خدمت وطنها بإخلاص من أجل الارتقاء بالتعليم الحكومي على مدى العقود الخمسة الماضية، حيث التحق الفقيد بهذا المجال سنة 1968م حتى سنة 2010 م، وقد كانت وفاته يوم الأحد 3 يناير 2016 م رحمه الله رحمة واسعة.وقد التقيت به قبل ثلاثة أشهر حيث كان آخر لقاء يجمعني به قبل وفاته، ويومها قمت في ذلك اللقاء بإجراء مقابلة تلفزيونية معه تحدث فيها على مدى ثلاث ساعات متواصلة عن عطائه في مجال التربية والتعليم في قطر منذ الستينيات وهي الفترة التي عاشها الفقيد كشاهد على فترة التعليم وأحد رواده الذين عاصروا نهضته.كما تشرفت بأن أكون أحد طلاب المربي الراحل عندما أشرف على تعليمي في مدرسة طارق بن زياد الابتدائية في منطقة السد خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي، وحينها كان المرحوم عبدالمطلب السقا هو مدير المدرسة، وكان الاستاذ سعد الكبيسي بالنسبة لي في مكان المعلم والأب والرجل الخلوق، كما كان للجميع بمثابة المثل الأعلى خلال فترة عمله بالمدرسة بكل نزاهة وأمانة، ولعل من السمات التي تميز بها الأستاذ سعد — رحمه الله — خلال تعليمه لنا انه كان ملتزما بعمله ومخلصا له ومتفانيا فيه بشهادة كل من عاصره، وتشهد على ذلك محبة الطلاب له والزملاء من المعلمين القطريين والمقيمين الذين عملوا معه، فغدا نعم المربي والإداري الناجح في تلك الحقبة التاريخية المهمة من تاريخ التعليم في قطر.وإذا تحدثنا عن سيرة الفقيد الطويلة وجهوده في مسيرة التعليم والعمل الاداري والتربوي فنستطيع القول أن المربي الفاضل اسمه الكامل هو سعد بن محمد بن جابر بن اسلوم الكبيسي من أسرة (لكبسة) التي سكنت شمال قطر منذ مئات السنين (وبخاصة في مناطق: الخوير أو كما تسمى بخور حسان، والعريش، والجميل، والحدية، وخداج، والنباعة، ومكين، وسدرية مكين، وغاف مكين.. وغيرها)، وكانت ولادته سنة 1953م تقريبا، وقد درس (دبلوم دار المعلمين العامة) في سنة 1968 م بدولة قطر، وأصبح معلما في احدى مدارس قطر الشمالية في منطقة (انعمان) مع أبناء (قبيلة انعيم) لفترة من الزمن، وذلك خلال العهد الزاهر للتعليم في عهد المرحوم الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني وزير المعارف آنذاك والذي عرف باسم (أبو التعليم في قطر) عليه رحمة الله والمتوفى سنة 1976 م. ودرس الفقيد سعد الكبيسي في نظام المدارس الليلية (نظام الثلاث سنوات) سنة 1973 م، ثم التحق بجامعة بيروت العربية عن طريق نظام الانتساب، ثم درس في جامعة قطر بكلية التربية (الشهادة المرحلية) وانهى دراسة البكالوريوس في تخصص الاجتماعيات في نفس الجامعة خلال العام الجامعي 1980/ 1981 م مع استمراره في عمله بوزارة التربية والتعليم خلال هذه الفترة. وبعد أن عمل الفقيد معلما في شمال قطر، حطت به الرحال في مدينة الدوحة العاصمة حيث انتقل إليها بعد ذلك فعمل مدرسا في مدرسة طارق بن زياد الابتدائية بمنطقة السد خلال فترة السبعينيات حتى تدرج في عمله الاداري فوصل إلى منصب وكيل المدرسة بعد ذلك حتى عام 1978 م، ثم تم تعيينه مديرا لمدرسة القادسية الابتدائية (في حي الأمير)، ثم تم تعيينه في المجال الاداري بوزارة التربية والتعليم، حيث عمل بوظيفة رئيس قسم التدريب والتأهيل التربوي، ثم تقلد منصب مساعد مدير البحوث الفنية ومن ثم أصبح مديرا لها، وبعدها عين في منصب مدير إدارة البعثات بالوزارة، ثم رئيس وحدة المتابعة في مكتب وزير التعليم الدكتور محمد عبدالرحيم كافود، ثم شغل منصب مساعد الوكيل للشؤون الثقافية بوزارة التعليم، وبجانب ذلك شغل وظيفة عضو بعثة الحج القطرية ممثلا عن وزارة التربية والتعليم لفترة من الزمن، حتى تقاعد عن العمل في سنة 2010 م بعد عطاء زاد على الأربعين سنة في خدمة التربية والتعليم بدولة قطر. وقد ساهم الفقيد أيضا في خدمة التعليم من خلال مشاركاته الداخلية والخارجية ممثلا عن وزارة التعليم منها من خلال التحاقه بالكثير من الفعاليات والأنشطة التربوية والادارية بالوزارة بجانب مشاركته الفعالة في الدورات التدريبية والتأهيلية في مجال التعليم، وكذلك حضوره للمؤتمرات والمنتديات داخل قطر على وجه الخصوص، ومنها ورشة عمل عقدها وقدمها المرحوم بنفسه قبل سنتين في متحف قطر الوطني حيث تحدث فيها — وكنت حاضرا فيها — عن الملامح التاريخية لتطور التعليم في دولة قطر منذ الخمسينيات وحتى الوقت الراهن، مثل حديثه عن المدارس الاولى التي بنيت في قطر وأبرز المعلمين والمديرين ورؤساء التعليم من القطريين والعرب الذين خدموا مجال التعليم، وانخراط المرأة القطرية في خوض أول تجربة لتعليم البنات على يد " آمنة محمود الجيدة "، وتطرق كذلك إلى نشر بعض الصور الفوتوغرافية القديمة عن تاريخ التعليم.أما أبرز الأساتذة والمعلمين الذين عاصروا الفقيد وكانوا يمثلون جيله في تلك الفترة فنذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر اذا لم تخنا الذاكرة:الدكتور عبدالرحمن حسن الابراهيم (الأول على الطلبة)، وعلي فرج الأنصاري، وغلوم عبدالله، وعيسى نجم الهتمي، وعيسى مرحب البن علي، وعبدالله علي الابراهيم، وسلمان حسن جاسم، ومحمد جبر النعيمي، وحمد برقش النعيمي، وابراهيم النعيمي، وسعد الشروقي، ومحمد حسن الصديقي، وبطي صالح الهتمي، وعبدالله عبدالحسين، وغازي حسين، وعيسى الهزاع، ويوف احمد، وجاسم زينل، وعبدالواحد جاسم، وعبدالله محمود، واسماعيل السيد، وعيسى سلمان المحري المهندي، وسلمان علي السليطي، ومحمد علي حسين الكبيسي، ورستم باقر، وعلي حسن الدرهم، وسعد راشد حسين الكبيسي، وعمير بن ناصر النعيمي، وحمد علي المري، وعبدالله اسماعيل رجب، وعبدالله المطوع، عبدالله ابراهيم البن علي، والدكتور عبدالعزيز المغيصيب، ابراهيم صقر المريخي، ومحمد يوسف المالكي، والدكتور علي أحمد الكبيسي، والباحثة أم خلف.. وغيرهم كثير، وليعذرنا القراء الكرام إذا نسينا بقية الاسماء، ورحم الله من مات منهم وأطال الله في عمر الأحياء.وبخصوص ما يتعلق بحياته الاجتماعية، فقد تزوج الفقيد ورزق بعدد من الأبناء وهم: محمد وعيد وخالد (توفى أحدهم قبل سنوات)، بجانب ثلاث من البنات (توفيت احداهن قبل سنوات). وله من الأخوة: علي وجابر وحسن وإبراهيم. رحم الله الفقيد والمربي الفاضل سعد محمد الكبيسي، وألهم أهله وذويه الصر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.** كلمة أخيرة:مطلوب من وزير التعليم اليوم الاهتمام بتكريم أمثال هؤلاء الرواد الذين خدموا التعليم بمجاليه التدريسي والإداري، شرط أن يكون هذا التكريم خلال حياتهم وليس بعد وفاتهم.