13 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من المفارقات التي نلمسها اليوم في ممارساتنا وعموم حياتنا أن الدين صار يتجزأ، وأن تعاليمه وقيمه تتغير عند البعض وتتأقلم مع رغبـاتهم وفق منطق الاســتخدام، ولا علاقة للقبول به والإذعان إلى أحكامه إلاّ بما يتناسب مع ما يريدون هم وليس ما يريده المولى عز وجل الذي استنكر في محكم التنزيل هذا الاعتقاد السيئ، فقال " أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" ولذلك، انتشرت ظواهر وممارسات في مجتمعاتنا جعلت من تجزئة الدين أمرًا عاديًا رغم وضوح مخالفته أكثر من وضوح الشمس نفسها في بارقة النهار وعزّ الظهيرة، بل إنه ما إن ينبري أحد الملتزمين أو الغيورين على الدين ليطالب مؤسسة أو جهة ما بالمحافظة على العادات والقيم المرعية في ديننا الحنيف حتى يأتيه الرد بأننا أشد حرصًا على هذه القيم والأعراف، وأننا ضد التطرف في الدين! قد يفتح أحدهم جريدته أو مجلته التي يملكها أو يديرها على مصراعيها لتتصدر صفحاتها أو أغلفتها بعض صور شبه عارية لممثلات أو راقصات أو عارضات أزياء أو..إلخ بشكل يخدش الذوق العام والآداب المرعية لتعويض بعض نواحي الجذب أو القصور أو الضعف في محتوى تلك الصحيفة أو المجلة، ثم لا يتورع عن الرد على منتقديه بأن سياسة جريدته أو مجلته تسعى لنشر القيم والعادات والدعوة إلى المحافظة عليها، وقد يزيد في ردَه قائلًا: لا نحتاج إلى من يعلمنا ديننا! وقد يدعو أحدهم للفجور وعدم التضييق على ممارسة الرذيلة في الفنادق والشقق و... إلخ، ويلعن في كتاباته (أبو الفضيلة) ويسبّ دعاتها وأصحابها ثم إذا حذّره أحد المخلصين بقوله سبحانه وتعالى "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون"، جاءه الرد بأن الذي كتبناه هو حرية شخصية لا علاقة لها بالدين، ثم يتبعه بأننا أعلم منكم بالحلال والحرام في شرع الله! وقد تشاهد في التلفاز بعض لقطات لإحدى الأغنيات على طريقة (الفيديو كليب) فيتصبَب منك العرق وتستحي من شدَة المناظر الفاضحة والرقصات الماجنة، وقد تضطر إلى إبعاد أهلك وأبنائك عن هذه القناة أو تشفيرها، ثم تشعر بالغثيان حينما يخرج المسؤول عن عرض هذه الأغنية أو حتى المغني نفسه ليقول أيضًا: إن ما شاهدتموه لم يتعد على العادات والقيم التي نحن نشارككم الحرص في المحافظة عليها! ويمكن أن تُنظم بعض مهرجانات تُعرض فيها بضع صور وأشكال ومضامين لا يستطيع أحد أن يشكك في منافاتها لقيمنا وعاداتنا، ومع ذلك لا يتردد أحدهم عن التأكيد على أن هذه المهرجانات إنما هي للتعرف على الحضارات والمجتمعات الأخرى أو اكتشاف الجمال، ثم لا يفوته أن يردف كلامه بقوله: إننا حريصون جدًا على الإسلام وتعاليمه! وقد يلجأ تاجر إلى الغش في تجارته أو تطفيف الكيل أو تسويق بضاعة فاسدة أو زيادة أسعار بغير حق أو ما شابه من صور الظلم أو الاستغلال والربح الحرام، ومع ذلك ربما تراه في الصفوف الأولى في المساجد، ولا تستطيع محاججته لأنه قد جهّز رده بأنه هذه تجارة و(شطارة) لا يحرمها الدين. تُقام حفلات غنائيـة يختلط فيها الحابل بالنابـل، وتهتز فيها الأكتـاف والأرداف، وتصدح في جنباتها أغاني الغزل والعشق والهيام، وتستمر أنغامها الصاخبة إلى ما بعد أذان الفجر دونما توقف (على الأقل لأداء الصلاة)، ثم لا يستحي منظمو الحفل وداعموهم حينما يخرجون علينا بقولهم إنه تم مراعاة القيم والعادات في هذه الحفلات! تتتابع علينا صور ومشاهد وأحداث عن استشراء أنواع عدة من الفساد القيمي والانسلاخ الأخلاقي بشكل غير معهود وغير مقبول، ويكبر كما كرة الثلج، وتتضخم نواتجه وتعظم آثاره الأسرية وتداعياته المجتمعية دون أن يعترف أحد بمسـاهمته في ذلك، سـواء بالكلمة المرئية أو المكتوبة أو المسموعة. بل على العكس، فإن الجميع مشغولون - رغم ما يقدمونه وما يعرضونه وما يكتبونه - بالمحافظة على تلك القيم والعادات والأعراف (المسكينة). وكان الله في العون.