15 سبتمبر 2025

تسجيل

مواساة المرضى

05 ديسمبر 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); مداواة المريض واجب ديني واجتماعي، والإحسان إليه مكرمة، وعيادته فضيلة، والدعاء له والتخفيف من معاناته أدب إسلامي رفيع، وفي حديث ثوبان أن رسول الله قال: «إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع»، وفي رواية، قيل: يا رسول الله، وما خرفة الجنة؟ قال: «جناها». وقد اهتم المسلمون منذ القرن الأول الهجري بحقوق المرضى،ووجد الحكام والخيرون في إقامة المشافي، ورعاية المرضى واجبًا دينيًا، وخلقًا اجتماعيًا يستحق أن تبذل فيه كرائم الأموال، فبنوا عشرات المشافي، وجلبوا لها الأطباء المتخصصين في كافة فروع الطب قيامًا بالواجب تجاه المرضى. وقد بدأت المارستانات - أو البيمارستانات - في عهد الوليد بن عبد الملك سنة 88هـ بدمشق.وأنشأ المنصور ملجأ للعميان، واليتامى، والقواعد من النساء.وقد حكى التاريخ أن فتحة بنت سنان بن ثابت أنشأت مارستانًا سنة 306ه، وكانت تنفق عليه 600 دينار شهريًا. وللخيرين - أفرادًا ومؤسسات وهيئات - أن يضربوا بسهام من الخير في هذا المجال، فمرضى الكبد والسرطان والكلى والقلب وغيرهم يعدون بالآلاف، بل بالملايين في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، ولهؤلاء حق على مجتمعهم في العلاج، والتخفيف عنهم وتسريتهم.وقد عرف الوقف الخيري في تاريخ حضارتنا الإسلامية وقفًا باسم (مؤنس المرضى والغرباء) كان ينفق منه على عدة مؤذنين من كل رخيم الصوت حسن الأداء، فيرتلون القصائد الدينية طوال الليل، بحيث يرتل كل منهم ساعة حتى مطلع الفجر، سعيًا وراء التخفيف عن المريض الذي ليس له من يخفف عنه، وإيناس الغريب الذي ليس له من يؤنسه. وكم من مريض اليوم يحتاج إلى من يواسيه، ويخفف عنه في ثمن العلاج الذي لا يجده، حتى يستعصي الداء على الدواء، وتعجز قدراته عن الوفاء بتكاليف الطبيب أو الدواء أو كليهما، واسألوا الأطباء والصيادلة والمشافي عن عشرات الحالات التي يقف فيها المريض - أو مرافقه - حائرًا أمام المبلغ المطلوب دفعه وفاءً بثمن الروشتة التي حددها الطبيب.وكم من حاجة مماثلة كشفت ستر المتعففين، فسألوا الناس مضطرين تفيض أعينهم بالدمع، وتستر وجوههم خمرة الخجل، ويتمنى بعضهم لو أنه قبض قبل أن يصير إلى هذا المآل.بل سجل التاريخ عن المسلمين في تخفيف معاناة المرضى ومواساتهم وقفًا عُرف باسم (وقف خداع المريض)، - كما يذكر الشيخ القرضاوى - وفيه وظيفة من جملة وظائف المعالجة في المستشفيات، وهي تكليف اثنين من الممرضين أن يقفا قريبًا من المريض بحيث يسمعهما ولا يراهما، فيقول أحدهما لصاحبه: ماذا قال الطبيب عن هذا المريض؟ فيرد عليه الآخر: إن الطبيب يقول: إنه لا بأس به، فهو مرجو البرء، ولا يوجد في علته ما يشغل البال، وربما نهض من فراش مرضه بعد يومين أو ثلاثة أيام .ويستطيع الموسرون والقادرون - أفرادًا وهيئات - أن يواسوا المريض اليوم بالزيارة والدعاء، وتحمل نفقات العلاج، خاصة الذين يتناولون أدوية بصورة منتظمة ومستمرة، مثل مرضى السكري، والضغط، والقلب.. وغيرهم.كما يستطيعون أن يوقفوا مستوصفات علاجية في القطاعات الشعبية والأحياء الفقيرة، يتم توقيع الكشف فيها بأجر رمزي، ويصرف الدواء فيها مدعومًا أو مجانا .ويتسع العطاء والمواساة للمرضى لتشمل تزويد المستشفيات والمستوصفات العامة القائمة، بالتنسيق مع المؤسسات الخيرية والجهات المعنية بالأجهزة والمستلزمات الطبية، كي تحسن أداءها خدمة للفقراء من المرضى.كما تشمل المواساة توفير الكراسي المتحركة للمعاقين والمرضى الذين يحتاجون إليها، فكم من حالة بحاجة إلى مثل هذه الكراسي عزّ من يلبيها.وليتذكر الغني الصحيح، كم لله عليه من نعمة وهو يسير على قدميه أو راكبًا سيارة فارهة، وإلى جواره من يحتاج إلى كرسي متحرك ليتنقل بواسطته.يقول بعضهم : كنت أبكى عندما أرى من يركب السيارة وأنا أسير بلا حذاء ، ثم توقفت عن البكاء عندما رأيت إنسانا مقطوع القدمين .