17 سبتمبر 2025
تسجيلإلى الآن نظرة البعض إلى المهن اليدوية نظرة فيها الكثير من التقليل والازدراء، ونوع من الدونية ان صح التعبير، على الرغم من اهمية التوجه نحو الدفع بأبنائنا ـ سواء كان ذلك على مستوى الاسرة او المدرسة او المؤسسات الحكومية ـ إلى ساحات العمل اليدوي، وتشجيعهم نحو الانخراط في هذا المجال، وبث ثقافة الوعي بأهمية هذه الاعمال اليدوية. للأسف الشديد ان ثقافة " العيب " من القيام بأي عمل يدوي منغرسة في نفوس الكثير من الاسر، فالابناء يرفضون ابسط الاعمال بالمنزل، معتمدين في ذلك على الخدم، حتى كوب الماء لا يقوم الطفل بجلبه، إنما يستدعي الخادمة لتقوم بهذه الخدمة، وهذا يحدث بدعم وتشجيع من الوالدين. قد يقول البعض ما علاقة ذلك بالاعمال اليدوية المطلوب تعزيزها، ونشر المزيد من الوعي لدى الشباب وفي المجتمع عنها؟. نحن نعرف ان غرس مفاهيم وقيم لدى النشء منذ الصغر تمثل اهمية، ومن بينها قدسية العمل اليدوي، وانه ليس عيبا ان يقوم الانسان بالاعمال مادامت لا تتنافى مع الدين والاخلاق والقيم والمبادئ..، بل ان الدين والقيم والتقاليد تحض على العمل اليدوي، وتدفع نحو تقديسه، بينما نشاهد البعض منا يرسخ في ابنائه مبدأ الاعتماد على الآخرين حتى في شرب الماء. الطفل عندما يرى والديه يطلبان من الخادمة ان تحضر لابنهما ثيابه من الغرفة، أو ترتيب غرفة نومه، او احضار لعبته، او إلباسه ثيابه وحذاءه، او احضار الماء له وهو جالس يلعب دون الطلب منه للذهاب واحضار ما يريد.....، سلوكيات خاطئة عديدة يتربى عليها الطفل منذ الصغر، فيؤمن بها، ويعتقد انها هي الصحيحة، من ذلك رفض العمل، والذي ينشأ معه حتى الكبر. هذا السلوك ـ كما قلت ـ ينمو مع الطفل في مراحله العمرية المختلفة، وبالتالي عندما يكبر تراه سيبحث عن عمل بعيد تماما لما يطلق عليه بالاعمال المهنية او اليدوية، خاصة في القطاع الخاص، الذي يركز في كثير من الاحيان على العمل اليدوي، لذلك نجد عزوفا حاليا عن القطاع الخاص من قبل شبابنا، والتوجه إلى القطاع الحكومي، حتى وان ظل الشاب جالسا سنوات ـ في بعض الاحيان ـ فإنه يفضل الانتظار للعمل بالقطاع الحكومي على القطاع الخاص. هذه النظرة السلبية يجب ان تسعى الاسرة بالدرجة الاولى لتغييرها، خاصة في ظل تغير الواقع فيما يتعلق بالعمل والمساحات المتاحة امام الشباب، وضرورة تغيير المفاهيم التي يحملها هذا الجيل، واهمية انخراط الشباب للعمل في القطاع الخاص، خاصة ما هو معتمد على العمل اليدوي والفني، الذي لانكاد ان نشاهد فيه الا ما ندر من شبابنا. نعم القطاع الحكومي ما زال يستوعب اعداداً من المواطنين، وهو بحاجة إلى ذلك، ولكن من المهم الا ننسى القطاع الخاص، الذي بات يتعاظم دوره يوما بعد آخر، بعد أن اصبح هو المحرك الرئيسي في المجتمعات، وهو المؤشر على مدى تقدم الدول، فلا يعقل ان تظل الكوادر الوطنية غائبة عن هذا القطاع، بل حتى الاعمال اليدوية او الحرفية في القطاع الحكومي تعاني من ندرة المواطنين فيها. هذه الظاهرة مطلوب التوعية بمخاطرها، وضرورة السعي لنشر ثقافة جديدة محل ثقافة «العيب» التي ما زالت تعشش في عقول العديد من الافراد.