13 سبتمبر 2025

تسجيل

أيها العدل أين أنت..؟!

05 نوفمبر 2018

حاكم يطلب من عالِم حر أن ينصحه ويرشده ويوجهه ويبن له، لجدير أن يحكم ويحبه الناس، أما حكام اليوم إذا قُدمت لهم نصيحة من عالم أو من صحفي، أو جاءت عن طريق كتاب بأسلوب مهذب ورصين من مؤلفه محب لوطنه ومجتمعه وأمته وحريص ومشفق، أو من عامة الناس بالتي هي أحسن، أرعد هذا الحاكم أو زبد وحرك مرتزقته وبطانة السوء وعصبته وأبواقه وأمواله، لإسكات كل صوت حر وأمين على وطنه ومجتمعه وأمته بأي طريقة، إما السجن وإما القتل غيلة وغدراً واستدراجا. فلنتأمل ما كتبه هذا العالِم الحر الرباني الأمين الناصح، فلم يمجد هذا الحاكم ولم يقل عنه أنه كذا وكذا...، علماء عرفوا الحق وطريقه فلم يجاملوا ولم يداهنوا ولم يكونوا يوماً تحت عباءة الحاكم، أو رهن إشارته، فكتب الله تعالى لهم الاحترام والتقدير والقبول والمهابة في نفوس الناس وقبلهم الحكام. ملكوا القلوب قبل أن يملكوا الكراسي. كتـب أمير المؤمنين عمر بن عبد العـزيز لما وليَ الخلافة إلى الحسن البصري رحمهما الله أن يكتب إليه صفات الإمام والحاكم العادل فكتب إليه الحسن رحمه اللـه « أعلم يا أمير المؤمنين أن اللـه جعل الإمام العادل قَوامَ كل مائل وقصـد كـل حائر، وصـلاح كل فاسـد، وقوة كل ضـعيف، ونَـصَـفَـةَ كل مظلوم، ومَفْزَعَ كل ملهوف. والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله الرفيق بها، الذي يرتاد لها أطيب المرعى، ويذودها عن مراتع الهَلَكة، ويحميها من السباع، ويكنُّها من أذى الحَرّ والقُرَ. والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده، يسعى لهم صغاراً ويعلمهم كباراً، يكتسب لهم في حياته ويدّخر لهم بعد مماته. والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوارح تصلح الجوارح بصلاحه وتفسد بفساده. والإمام العادل يا أمير المؤمنين، هو القائم بين اللـه وبين عباده، يسمع كلام اللـه ويسمعهم، وينظر إلى اللـه ويريهم، وينقاد إلى اللـه ويقودهم. فلا تكنْ يا أمير المؤمنين فيما ملكك اللـه عز وجل كعبد ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله، فبدد المال وشرد العيال، فأفقر أهله وفرق ماله.......). أين العقلاء من هذه الوصية؟ ◄ ومضة لما أُتي لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بتاج كسرى وسواريه، قال « إنَّ الذي أدَّى هذا لأمين! قال له رجل: يا أمير المؤمنين، أنت أمين الله يؤدون إليك ما أديت إلى الله تعالى، فإذا رتعت رتعوا».