29 أكتوبر 2025
تسجيلما من شك في أن مجلس الشورى ادى دورا مهماً خلال الفترة الماضية، وخاصة منذ انطلاقته لأول مرة بعد استقلال قطر سنة 1971م، حيث جاء تعيين اعضائه عام 1972 في عهد سمو الوالد الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني حاكم قطر في الفترة ما بين (1972 — 1995). وبالأمس كان الشعب القطري بأكمله مع موعد للاستماع لخطاب سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، في مبنى مجلس الشورى الذي احتوى على عدة قضايا، وجهها سموه للانطلاق بمستقبل قطر كخريطة طريق في البناء والتنمية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لرسم سياسة قطر الخارجية. بعد مرور أكثر من أربعة عقود من الزمن على تأسيس مجلس الشورى، الذي يتم اختياره بالتعيين، وما زال الكثير يتطلع الى التوجه الآن لمجلس شورى منتخب، له مكانته وهيبته التي عهدناها في بعض الدول العربية بشكل خاص، وكل دول العالم بشكل عام. ولعل الكثير من أفراد المجتمع القطري ما زال ينظر للمجلس الحالي على أنه ما زال ناقصاً وليست لديه القدرة على التمتع بما يقتضيه العصر الذي نعيش فيه، وهذا هو الواقع دون التقليل من اعضائه ودوره؛ في دراسة القوانين والتشريعات وتقديم الملاحظات والتوصيات، التي تهم الوطن والمواطن، خاصة أننا نحسب على أننا من الدول المتقدمة والمتطورة، التي تسير للأمام بكل قوة، ولا ترجع الى الخلف مهما كانت التحديات، وفي شتى المجالات والقطاعات.مجلس الشورى ومرحلة التغييرفالغالبية من الناس ـ وبكل صراحة ـ ما زالت نظرتهم إلى "مجلس الشورى" الحالي، تقترح التغيير نحو الارتقاء بالحياة البرلمانية، من خلال عدة جوانب ومعايير؛ منها على سبيل المثال لا الحصر:أولاً: تغيير بعض أعضاء المجلس خاصة من أعطى كل ما لديه من جهد، ولا يستطيع مواصلة التغيير، لكوننا نعيش اليوم في سنة 2015 وليس في سنة 1972.ثانياً: تطعيم مجلس الشورى ببعض الكفاءات القطرية من المثقفين والأكاديميين، وخاصة من القانونيين، والاقتصاديين والمشرعين والإعلاميين، ومنهم أساتذة جامعة قطر الوطنية ـ على وجه الخصوص ـ لقيادة المجلس من جديد، بروح عصرية ثاقبة، تحاكي الواقع وترفع من شأن التشريعات لخدمة أجيال اليوم والأجيال المقبلة، في ظل رؤيتنا الوطنية 2030 ورؤية التنمية الوطنية 2011 ـ 2016.ثالثاً: طرح ومناقشة المزيد من القضايا التي تهم المجتمع، بشكل أفضل من القضايا التي تناقَش في الوقت الراهن، بشيء من الشفافية والوضوح في تقديم الحلول، لا التحفظ عليها أو تأجيلها كما جرت العادة في بعض مداولات المجلس في فترة من الفترات.رابعاً: المجلس ما زال خاليا من "العنصر النسائي" بينما "المجلس البلدي" تزاحم المرأة فيه الرجل على كرسي المجلس، عن طريق الانتخاب والتصويت، وليس بالتعيين.ولهذا:فإن التوجه لتطعيم مجلس الشورى بالكفاءات القطرية الشابة، أصبح من الأمور المطلوبة لمواكبة التغيير، وضخ دماء شابة وبفكر مغاير، تحقيقا للمصلحة العامة، ومن ثم الارتقاء "بقطر الغد" نحو البناء والتنمية، بما يساير توجهاتنا الوطنية، وهذا ما اشتمل عليه خطاب سمو الأمير بالأمس في ما يخص إشارة سموه إلى مصطلح المصلحة العامة، والاتكاء على "فئة الشباب" لقيادة الأمة.مضامين خطاب سمو الأميرلقد أكد الخطاب السامي لسمو أمير البلاد المفدى، في مقر مجلس الشورى ـ بالأمس ـ على عدة قضايا يجب الأخذ بها في الاعتبار.. خاصة عند حديثه عن البناء والتنمية وخطة الطريق التي رسمها، ووضع خطوطها، وملامحها العريضة، لاستشراف المستقبل، لمجابهة التحديات، وتلافي الأزمات الاقتصادية، والكوارث البيئية، والمالية العالمية، المتوقعة في أية لحظة، إذا لم نحسن التخطيط لها ونساير الزمن من الآن، ويأتي ذلك من خلال الاهتمام بالاقتصاد المتنوع، وتفعيل دور القطاع الخاص، وحماية البيئة، مع الأخذ بالاعتبار العمل على مكافحة الفساد وتفعيل الشفافية، ومحاربة هدر المال العام، وتقليل المصروفات، ومنع الترهل الوظيفي، والاستفادة من طاقات الشباب القطري، بالشكل الصحيح، وهو ما يؤكد على عملية التقطير في كافة الظروف؛ سواء كان في السراء أو في الضراء، بجانب تأكيده على عدم الازدواجية بين الوزارات والمؤسسات الحكومية، وتوحيد الخدمات قدر الإمكان، وعدم الاتكالية على الدولة في كل شيء.ركيزة الشباب أساس التنميةلعل أهم ما ركز عليه سمو الأمير في خطابه بالأمس كان يتمحور حول أهم قطاع تهتم به الدولة، حيث أشار سموه صراحة ـ لا تلميحاً ـ إلى الالتفات الى هذه الشريحة في الوقت الراهن، فالشباب القطري وتأهيله وإعداده لقيادة هذا الوطن في كافة التخصصات، والتنوع في ذلك، غدا من أهم حقوق المواطن، التي يجب أن تنطلق من خلال التركيز على خدمة هذه الفئة المهمة من المجتمع، مع توفير الحياة الكريمة لهم، من خلال العيش الكريم، والتشريعات التي تناسب العصر الذي يعيشون فيه، وبخاصة في مجالات العلوم، والهندسة، والصحة، والتعليم، والاقتصاد، والبيئة، والمجتمع، كما أشار سموه إلى تحديد "مصطلح الحيطة والحذر" والتفريق بينه وبين "مصطلح الخوف".. مع التكاتف في مثل هذه المرحلة التي نعيشها اليوم، للعبور بسلام في تحمل عبء المرحلة المقبلة، مع إيمانه العميق الذي يأتي من باب قوله تعالى: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها".وأكد سموه أيضاً:أن قطر لا تبنى بدون الاعتماد على الشباب، فهم أساس التنمية، كما أكد مفهوم "مصطلح المواطنة" الصحيح، من خلال الانتماء للوطن، وعلى الشباب أن يسأل نفسه: ماذا قدم للوطن وللأجيال؟. لأن الاستثمار الحقيقي يكمن دائماً عبر الاستثمار في الإنسان القطري.كلمة أخيرة:يقول ونستون تشرشل: "الديمقراطية نظام سيّئ، لكنها أقل الأنظمة سوءًا".