27 أكتوبر 2025
تسجيليتساءل الحريصون على الانتفاضة أين وصلت وإلى أين يجب أن تتجه؟ وهل تمكن استعارة تجربة الانتفاضة الأولى 1987 أم الانتفاضة الثانية 2000 وأرى أن الإجابة عن ذلك في جملة حقائق ومعطيات كالتالي: 1- ليست الانتفاضة الحالية منبتة ومنقطعة عن التاريخ الفلسطيني ولكنها تراكمية على ما سبقها عشرات الانتفاضات.2- وجود السلطة في الحالة الفلسطينية لم يعد تلك الحالة الانتقالية المؤقتة بالخمس سنوات التي تقررت في « اتفاقية أوسلو « البغيضة ولكنه تحول لحالة وجود دائم يتقاطع مع الاحتلال ويحد من طموحات التحرير أبرز مهامه تعقب المقاومة وإفساد كل جهد ثوري، ولذلك صار منطقيا (بشواهد الواقع وبالتحليل وبالاستنتاج وبقناعات وتقديرات كبار الكتاب والمحللين) التفكير، بل السعي لتفكيك هذه السلطة لصالح عودة منهجية المقاومة بما فيها المسلحة.. ولكن القائمين على هذه الشركة الخاصة - السلطة - يروجون لقيمة وإنجازات غير حقيقية لها، في حين أن كل مكتسباتها توصف بثلاثة أوصاف على العموم (الشكلية، والفئوية، ومنحة الاحتلال). 3- انتفاضة الـ1987 التي تحاول السلطة الترويج لها كسقف لطموحات وإمكانات الانتفاضة الحالية لم تكن مسقوفة بأوسلو ولا مقيدة بالسلطة ولا متعقبة من أجهزة دايتون ولم تكن الحالة الفلسطينية تعاني من الانقسام السياسي والجغرافي والأيديولوجي كما حال الانتفاضة الحالية، بالتالي فإن صلحت كنموذج ممكن وكبداية فليست تصلح بالضرورة في كل الوقت ولا كنهاية مطاف. 4- إذا أخذنا على محمل الجد كلام بعض متحدثي السلطة مثل «عدنان الضميري» في توجيههم لكيفيات التنقل بين أشكال المقاومة، فمن الواضح أنهم يريدونها (دون قيادة مشتركة تجمعهم بحماس أو تجعل لحماس جزءا من القرار، وبدون تعطيل للاقتصاد والتعليم، وبدون الاشتباك المباشر مع العدو في نقاط التماس، ثم دون إمكانية تطور للثورة المسلحة).. وهذا التوجه إذا أضفنا له مساعي السلطة لقطع طريق الانتفاضة الحالية، إذن فهم يريدونها انتفاضة عقيمة لا تعدو توصيل رسالة وإعادة تجهيز المسرح المفاوضات وحصاد فئوي).5- من أهم ميكانزمات الانتفاضة السابقة التي استفادت منها المقاومة المسلحة وتمكن الاستفادة منها في اليوم هو ما تطورت أو تدحرجت إليه الحالة الفلسطينية وأدى إلى تفكيك أجهزة أمن السلطة تحت وقع ثلاثة عوامل متضافرة، أولها: عمليات المقاومة التي يغذي بعضها بعضا وتستفز العدو للرد، ثانيها: ردّات الفعل الصهيونية التي استهدفت مقرات الأجهزة بقصد إشباع العدو الصهيوني رغبته ومواطنيه في الإيذاء العكسي، وثالثها: الاستجابة بالرد القوي من أفراد الأجهزة الأمنية على استهدافات العدو لهم كون جوهر تشكيلهم كان من حركة فتح بثوريتها ولذلك وجدنا العدو يتنبه لهذا العامل فيقوم بتغيير نوعية الفلسطيني الذي يلتحق بالأجهزة والذي سمي بعد ذلك بالفلسطيني الجديد الذي يحتوي على مهنية مجردة من أي توجهات سياسية أو دينية أو قومية.. هذا الفارق المستجد يعني أن هذه الأجهزة لن يعول عليها لتقوم بنفس ردّات فعل تلك الأجهزة زمن عرفات وعلى العكس منه، فاليقين أنها ستحول دون الانتفاضة وتطورها.آخر القول: الانتفاضة الفلسطينية الحالية ليست الأولى ولا الثانية ولا الثالثة ولا حتى العاشرة فتاريخ فلسطين مسلسل متواصل من الانتفاضات.. وبقدر ما أن على الانتفاضة الحالية ألا تنحشر سلمية تريدها وتروج لها السلطة، فإن عليها ألا تتقمص حذافيريا أي تجربة وإن كانت الأقرب منها جميعا هي انتفاضة 2000 باعتبارها حصيلة جملة التجارب التي سبقتها وباعتبار وجود ذات الحوائل والظروف مع تغييرات لابد من مراعاتها.