18 سبتمبر 2025
تسجيلسنثير النقاش على المستوى الاجتماعي من خلال هذا العمود الموجز ونتحدث عن ظاهرة يستنكرها الرجل لقياس تبعاتها غير الظاهرة بشكل واضح. إذ سنسلط الضوء على النظام الأبوية (البطريركية)، كظاهرة ليست نتاج سنوات قصيرة بشكل عام، ولا هي تحليل قصير المدى لفترة التصويت لمجلس الشورى الأول في دولة قطر بشكل خاص. إنما طالت الفترة كي تكون استمرارية تعكس نظام حياة وتقاليد وأعرافا، لدرجة تبني المجتمعات الظاهرة وانعكاسها على هويتها الخاصة، حتى أصبح محافظاً عليها من التغييرات الجذرية والجندرية. هذه الظاهرة هي نتاج عصور سابقة وتيارات دينية، سياسية واقتصادية وضعت المرأة في زاوية وقيدت أدوارها، وأجازت لها أدواراً أخرى، إلى أن أصبحت المرأة رمزاً ثورياً للتغيير على مدى التاريخ. بالتالي، نجد ان النقلات التي تواكب المرأة ليست إلا محطات حددت الممارسات الاضطهادية في جهة ومدى مرونتها من جهة أخرى على المستوى القانوني، العرفي، السياسي والاجتماعي والتي منحت المرأة أن تكون فيها جزءاً مكملاً في المجتمع، وأن تتساوى بالمواطنة أسوة مع الرجل المواطن أيضاً. هذه لفتة تاريخية سريعة وموجزة حول مفهوم الظاهرة البطريركية. إذ أرجو ألا تنفعل عزيزي الرجل على ظاهرة من الصعب تعديها بشكل جذري من خلال حدث تاريخي واحد!. وعبر تاريخنا المعاصر، لا يشكك أحد بدور المرأة في كل الدوائر، سواء كانت على مستوى الأسرة، وصولاً إلى المجتمع، والأنظمة الدولية. ولا نحتاج أن نعيد دوامة مكانتها وتقلدها للمناصب القيادية، إذ تخطينا هذه التبريرات. نحن نتساوى بالعقل والفكر، ونتنافس بالعقل والفكر أيضاً. فهذا الأمر منتهى منه. ولكن ما ان نستمر في مراقبة غياب المرأة في المشهد السياسي، بالتأكيد سنعيد التبرير، ليس لدور المرأة العظيمة هذه المرة، إنما لتبعات مفهوم البطريركية وتطور سيادة المفهوم في التاريخ المعاصر لتصبح النيو- بطريكية، أي الأبوية المعاصرة أو الأبوية الجديدة. ولهذه الظاهرة بمفهومها المعاصر شقان من وجهة نظري أود تسليط الضوء عليهما من خلال هذا المقال الموجز: أولاً: من الطبيعي أن تكون المشاركة السياسية للجنسين مبنية على الأصوات، وكذلك من الطبيعي أن يكون للمرشح الحق في الترويج عن الحملات الانتخابية واستمرارية توصيل الرسالة التي يرغب في تحقيقها بكافة الطرق، هذه منافسه بحد ذاتها! ولكن مراقبة هذه الظاهرة الانتخابية الأولى في دولة قطر يعني تحليل المشهد الاجتماعي والسياسي من حيث تأثير تبعات المفهوم الأبوي بشكل أكاديمي على التنافسية الجندرية. بمعنى آخر، من المتوقع أن ينعكس النظام الأبوي في التصويت ميولاً للرجل، وإيمانا بالرجل ومكانته في تقلد مناصب سياسية تلعب أدوارا حساسة وهامة. ولكن سيادة النظام الأبوي على حقبة جديدة في دولة قطر مع مجلس شورى منتخب من المفترض أن يكسر هذه الهيكلة الأبوية على المستوى الاجتماعي عبر التصويت. وهذا يعتبر توجها عرفيا من الأساس ساهم في تعزيز السلطوية العرفية من خلال ضعف الفرصة لفوز المرأة بكرسي عبر التصويت في مجلس الشورى، وهذه ظاهرة تقاس بحد ذاتها من خلال هذه الحقبة على انها انعكاس لخضوع المرأة للظاهرة الأبوية وتبعات هذا التأثير هذا النظام العرفي والنوعي عليها في المحافل السياسية. بالتالي يظل التعيين على المستوى السياسي هو الأضمن لمكانة المرأة في المجلس. ثانياً: من الصعب أن نحلل الواقع لنتائج مجلس الشورى الأول بأنها ظاهرة أبوية بحتة ونثير من خلالها المشاعر، لأنه في نهاية الأمر يظل التصويت بيد كلا الجنسين. لذلك المرأة لن تكون بالضرورة نصيرة المرأة في التصويت. ولكن يظل يخبرنا المشهد السياسي والاجتماعي على استمرارية انتاج مجتمع هجين، أي يمكن المرأة من ناحية التقلد بالمناصب الإدارية العليا، ومن الجانب الآخر يظل يحافظ المشهد على بنيته الاجتماعية باعتباره لا يزال مجتمعا تقليديا محافظا. ولن أقول بأن النظام جعل المرأة أدنى منه، فأنا ضد هذا الوصف بحسب بعض المصادر. ولكن ما خلده النظام العرفي هو حماية عرفية له واستقرار نسبي للمرأة في الجانب المهني من خلال النتاج الهجين الذي يعطي المساحة القيادية للمرأة، بينما يظل يحافظ على نمطه الاجتماعي في أولويته للصفوف الأمامية قبل المرأة. أخيراً، قررت استباق التاريخ العام على المشهد الحالي المعاصر، حتى يكون المفهوم أكثر شمولية للاستيعاب بأن الظاهرة ليست إلا تاريخا تراكمياً بتبعاته العرفية على المجتمعات. [email protected]