11 سبتمبر 2025

تسجيل

الدم الذي تلطخت به جائزة نوبل للسلام

05 أكتوبر 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كرَّس الجزء الأكبر من عمره الممتد على مدى 93 عامًا لقضيته. كان أحد أفراد الفريق المؤسس لدولة إسرائيل، كان واحدًا من أفراد الفريق الأكثر وحشية ممن تلطخت أيديهم بالدم. كان لاعبًا أساسيًا في عملية تسليح إسرائيل. ولم يتردد ولو لوهلة في استخدام هذه الأسلحة ضد الفلسطينيين. كان مسؤولًا أساسيًا عن ارتكاب مجزرة قانا والتي كان ضحاياها من المدنيين الفلسطينيين الذين لجؤوا إلى أحد مقار الأمم المتحدة في لبنان.واليوم، يعتبر مشروع الاستيطان اليهودي واحدًا من أهم الأسباب التي تحول دون إيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إن هذا المشروع هو أحد منجزاته. بسبب مثل هذه السياسات التي يقف وراءها هو وأمثاله في جناح الصقور، نشأة مأساة الشعب الفلسطيني الذين طرد من وطنه وما زال يعيش مأساته حتى يومنا هذا في مناطق بائسة تدعى "المخيمات".أمير الأسلحة الرهيبةلقد رأيت، خلال زيارة أجريتها العام الماضي إلى مخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، حجم المأساة والألم في وجوه الفلسطينيين الذين اقتلعوا من أرضهم عام 1960 ليصبحوا مشردين بلا مأوى، ومجهولي الهوية، وبلا مستقبل مأمول. لقد كان ذلك الشخص أحد أعضاء الفريق الذي حكم على الفلسطينيين أن يعيشوا هذه الحياة.عانت تلك المخيمات من القصف المتكرر، وأمسى الكثير من أبنائها ضحايا لعمليات الاغتيال والقنص، فيما أجبر الأطفال على العيش في تلك المناطق النائية التي لا توفر أدنى المتطلبات الإنسانية. اسودت بسبب ذلك الشخص، الحياة في وجه الفلسطينيين، الذين تفرقوا في جميع أنحاء الأرض فيما الشوق إلى رؤية الوطن والدار يقتلهم كل يوم، ذلك الشعب الذي عانى الاضطهاد بشكل لم يسبق له مثيل. واليوم، إن كانت إسرائيل تمتلك أسلحة رهيبة وفتَّاكة في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك تمتلك القدرة النووية، فإن ذلك بفضل الجهود التي بذلها ذلك الشخص قبل 50 عامًا. لعل بيريز هو السياسي الوحيد الذي يظهر على أنه حمامة سلام، إلا أنه لا يتردد في ارتكاب الفظاعات بلا رحمة، ويحصل بعد كل هذا على "جائزة نوبل للسلام". إن موته، أعاد إلى الذاكرة مشاعر الألم والحزن الناتج عن ذكريات المذابح والفظاعات التي ارتكبها ضد الفلسطينيين. أم فلسطينية، رفعت لافتة كتب عليها "بيريز هو قاتل ابني"، عندما تلقت خبر وفاته. أعتقد أن تلك الأم هي واحدة من آلاف الأمهات.لماذا نال جائزة نوبل للسلام؟أنا متأكد من أن أي أحد يقرأ السيرة الذاتية لبيريز أو أي سياسي إسرائيلي قلبه مملوء بالحقد والقسوة والكراهية والعداء، لن يجد أي فروقات حقيقية بينهما.أما أنا، فأرى أنه أصبح مميزًا عن رفاقه بعد حصوله على جائزة نوبل للسلام. وأعتقد أن منح تلك الجائزة لبيريز، هو إهانة كبرى وسخرية منّا جميعًا. ولعل هذه الخطوة هي مؤشر مهم على إفراغ تلك الجائزة من مضمونها والتأكيد على أنها عبارة عن أداة سياسية. لقد منحت الجائزة نفسها لأوباما، لتصبح هذه الخطوة دليلًا آخر على المعايير المتضاربة التي تحكم منح الجائزة. حصل أوباما على جائزة السلام في الشرق الأوسط، علمًا أن القتل والموت في تلك المنطقة وصل في عهده إلى مراحل غير مسبوقة. استغلال القيم الإنسانيةلهذا السبب، على ما أظن، أشعر دائمًا أن هذه الجائزة ملطخة بالدماء. كما أنها تشكل نموذجًا لاستغلال الغرب للقيم الإنسانية، والعواطف، والرموز، وتسخيرها لتصبح أدوات لخدمة مصالحه الخاصة.إنها تمامًا تشبه جائزة الصحافة العالمية التي تدعمها العائلة المالكة في هولندا، وجائزة الأوسكار في هوليوود، المدعومة من قبل الإمبريالية الأمريكية...إن الغرب شرعن من خلال هذه الجوائز دائمًا المجازر، والتمييز، والإقصاء، وجعلها في خدمة مصالحه السياسية. إن هذه الجوائز، أفرغت القيم الإنسانية من مضمونها، وتربعت على قمة أحزاننا، فمنعتنا عن محاسبة الذين تسببوا بكل هذه المآسي. كما استخدمت هذه الجوائز كأدواتٍ لتهميش بعض المجتمعات، وإقصائهم، وقرارات منحها كانت دائمًا سياسية، لكن لم يعترف أحدٌ بذلك.جوائز لإضفاء الشرعية على تقسيم فلسطينقال بيريز بعد أن حصل على الجائزة، إن السلام سيحل على فلسطين، لكن في الواقع لم يحل عليها سوى الموت والتشرد. تلك الجائزة أقصت عرفات، وعزلت رام الله عن التراب الفلسطيني، وفرضت الحصار على غزة. في الوقت الذي ترزح فيه غزة ومليون ونصف المليون فلسطيني من سكانها تحت وطأة الحصار والجوع، تطلع الجميع إلى بيريز وعرفات في رام الله. وفي الوقت الذي قصفت فيه الطائرات الإسرائيلية الأطفال على شاطئ غزة، لم ينبس العالم ببنت شفة تجاه غزة الخاضعة أساسًا للحصار. كذلك فعل العالم تجاه الشهداء الأتراك الـ 10 الذين استشهدوا على متن سفينة "ماوي مرمرة"، التي أبحرت تجاه القطاع، الذي تحول لأكبر سجن في تاريخ البشرية. عندما حدث كل هذا، كان بيريز رئيسًا لإسرائيل وشاهدًا على ما جرى. كان أحد الجناة وصناع القرار المسؤولين. كانت الجائزة التي حصل عليها موضوعة بجانب الطاولة التي وقع عليها على قرارات المجزرة. وأعتقد أن لهذه الأسباب، صرخ الرئيس أردوغان في وجه بيريز في دافوس موجهًا له تلك الكلمات: "حين يتعلق الأمر بالقتل أنتم تعرفون جيدًا كيف تقتلون! أنا أعرف جيدًا كيف قتلتم الأطفال على الشاطئ، كيف قمتم بقصفهم". نعم كلنا سنشهد يوم الحساب على تلك الجرائم، كما أن الدم الموجود على تلك الجائزة هو دم فلسطين، الذي تسبب بإراقته صاحب الجائزة بيريز.