16 سبتمبر 2025

تسجيل

محمد بن مطر الكواري في ذاكرة قطر

05 سبتمبر 2020

رجال الماضي عملة نادرة ولن يتكرروا، سواء كان ذلك من ناحية طيب معادنهم او حسن أخلاقهم وشيمهم وطباعهم التي لا تتوفر في جيل هذه الأيام. هذا من ناحية: ومن ناحية أخرى فإن رجال الأمس لهم خاصية يمتازون بها تتعلق بالتكاتف الاجتماعي والسؤال عن القريب والجار، وصلة الأرحام والغيرة على الوطن ومقدراته، لأنهم يعتقدون بأن ما يملكونه أو يشاركون فيه مع المواطن والمقيم بمثابة امانة يجب أن يحافظوا عليها ما داموا على قيد هذه الحياة. وهكذا عاش أهل قطر في ماضيهم وحاضرهم على نياتهم وسليقتهم، ينشدون المحبة والتعاون والغيرة وحب الايثار والفزعة وقت النوائب ولا يخشون في الله لومة لائم. فبعد الحياة الصعبة التي عاشوها في مجتمع الغوص على اللؤلؤ والبحث عن الرزق في غياهب البحر ومتاهاته، تحولوا بعد كساد الغوص وتردي اللؤلؤ الطبيعي وظهور اللؤلؤ الياباني الصناعي في عشرينيات القرن المنصرم عاش الناس حياة الجوع وقلة ما في اليد في الثلاثينيات والأربعينيات، حتى ظهر النفط في قطر وبعدها تيسرت أحوالهم فتم توظيف الكثير منهم في شركة النفط وبخاصة في مدينتي "مسيعيد ودخان"، حيث اجتمع شمل اهل قطر من جديد تحت مظلة جديدة وحياة جديدة تختلف عن الغوص والبحر. وكانت مرحلة مهمة من تاريخ قطر الاجتماعي الحديث بعد مصاعب اقتصادية عاشوها قبل ظهور "الآيل"، الذي غير حياتهم الى الأفضل. ولذلك اطلق أهل قطر على هذه السنوات اسم "سنة الخير"، والتي كانت في عهد حاكم قطر الراحل الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني - طيب الله ثراه - المتوفى في الخمسينيات، بجانب الرعاية والاهتمام بشؤون أهل قطر من قبل الشيخ حمد بن عبدالله بن جاسم آل ثاني نائب الحاكم المتوفى سنة 1948م - عليه رحمة الله - الذي كان أبرز رجال قطر الذين ساهموا في توظيف أهل قطر، وتسهيل مهمتهم للعمل في شركة النفط، بعد كساد الغوص واكتشاف البترول، ومن ثم تصديره للعالم الخارجي لأول مرة سنة 1949م، أي بعد رحيل الشيخ حمد بن عبدالله آل ثاني بسنة واحدة فقط. واليوم نتحدث عبر هذه السطور عن أحد رجالات قطر الأبرار الذين عاشوا مرحلتي الغوص واللؤلؤ واكتشاف البترول، وهو المرحوم بإذن الله تعالى "محمد بن مطر بن راشد آل مطر الكواري"، الذي توفي قبل أيام وكان أحد الذين عملوا من أجل رفعة هذا الوطن. ولد الفقيد محمد بن مطر الكواري في "وعب تحفة" وكان ذلك في سنة 1933م، وقد ركب الغوص وعاصر حياة صيد اللؤلؤ مع والده مطر بن راشد آل مطر الكواري رحمه الله، وقد عاصر الغوص في نهايته وكان صغيرا، ومع كساد اللؤلؤ عمل في شركة النفط بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بسنتين وكان ذلك عام 1947م تقريبا سنة 1984م، وعاصر الكثير من أهل قطر ممن عملوا في "دخان ومسيعيد" في حياة شركة النفط. وقد سكن مع والده في شمال قطر في "الخريجة" مع تاجر اللؤلؤ علي بن شاهين بن عبدالرحمن الربيعة الكواري المتوفى في الستينيات، وكذلك مع عبدالرحمن بن شاهين الربيعة الكواري الذي ناسبه، كما عاصر السيد مطر بن علي بن شاهين الربيعة الكواري وشقيقه الشاعر الكبير أحمد بن علي بن شاهين الربيعة الكواري المتوفى في الثمانينيات. كما انتقل المرحوم للمعيشة في قرية "عذبة" التي عاش فيها الكثير من أهل شمال قطر في تلك الفترة قبل انتقالهم للدوحة العاصمة بعد ذلك. وفي مدينة الدوحة عاش الفقيد محمد بن مطر الكواري في منطقة "مدينة خليفة الجنوبية" حوالي عام 1972م في عهد سمو الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني رحمه الله. أما أبرز أصدقاء الوالد محمد بن مطر فنذكر منهم: علي بن خميس الزامل الكواري وشاهين بن مطر الربيعة الكواري وبخاصة في زمن الطفولة، ومنهم أيضا: عيسى بن مطر الكواري، وكذلك بعض جيرانه في الدوحة مثل المرحوم راشد بن عبدالله السحوتي ومحمد بو جسوم المناعي، ومن زملاء العمل نذكر منهم محمد بن ناصر بن حطاب الكعبي، وأيضا صديقه في العمل عبدالله محمد الجابر وغيرهم كثير. وللفقيد ست من البنات وعشرة من الأبناء هم: جاسم – راشد – غانم – غيث – مبارك – مطر – ناصر – عبدالله – ربيعة – طلال. كلمة أخيرة: من الذكريات الجميلة مع الوالد الراحل محمد بن مطر الكواري أنني زرته عام 1989 وكذلك 1995 و1999 على وجه التقريب، وكنت حينها أقوم بتدوين بعض الصفحات المجهولة عن حياة أهل قطر في زمن الغوص على اللؤلؤ والعمل في الشركة، وقد أفادني كثيرا بالمعلومات التي قمت بتوثيقها. رحم الله الفقيد رحمة واسعة وجعل مثواه الجنة إنه سميع مجيب. [email protected]