19 سبتمبر 2025
تسجيلمن جديد عاد الانشغال اليومي للمواطن التركي إلى مربع الانتخابات النيابية.. بعد شهرين على انتهاء الانتخابات السابقة في السابع من يونيو الماضي، هاهو الناخب يتحضر للإدلاء برأيه مجددا في صناديق الاقتراع. بين دورتي انتخاب هل تكون فترة أربعة أشهر ونصف كافية لكي يبدل الناخب رأيه؟ وبالتالي هل يمكن أن نكون أمام نتائج مغايرة هذه المرة؟. تتدحرج التطورات في تركيا بطريقة تجعل الخواتيم مفتوحة على كل الاحتمالات.. في رأس المتغيرات إعلان الحكومة التركية الحرب على "داعش". الكثيرون يشككون بجدية تركيا في هذا المجال خصوصا أن "داعش" لم يتبن تفجير سوروتش ولم يقم بأي عملية ضد المصالح التركية. أما تركيا فإن غاراتها على داعش محدودة. إن إعلان تركيا أنها ستحارب داعش تحمل من المخاطر الجمة على الأمن القومي التركي ما يدخل البلاد في أتون جحيم جديد ما يزيد من عدم الاستقرار الذي لابد سيؤثر في خيارات الناخب المرتبطة بنظرته إلى الجهة التي تتحمل مسؤولية تصاعد العنف. المتغير الثاني والأهم هو إعلان الحكومة التركية الحرب على حزب العمال الكردستاني.ومع أن عملية التفاوض قد توقفت منذ أشهر غير أن تركيا بادرت منذ أواخر تموز/ يوليو الماضي إلى شن غارات على مواقع الحزب داخل البلاد وفي منطقة جبل قنديل في شمال العراق. وقابل الحزب الغارات بعمليات عسكرية يومية بحيث لم يمر يوم دون أن يسقط قتيل من جنود الجيش التركي وقوى الأمن. وهذا أمر لم تعرفه تركيا منذ سنوات. التراشق الناري بين الحكومة وبين الأكراد انتقل لتبادل توزيع الاتهامات. الحكومة تتهم الأكراد بأنهم بادروا وفق أجندة خارجية إلى إشعال الحرب لإضعاف تركيا فيما يقول الأكراد إن الهدف الأساسي من الحرب ضدهم هي تسعير النزعة القومية ضدهم لكي يجني من خلالها حزب العدالة والتنمية أصواتا قومية إضافية تعيده إلى السلطة مجددا منفردا في الانتخابات ىالمقبلة. فهل ستغير الحرب الدائرة بين الحكومة والأكراد خيارات الناخبين في هذا الجانب أو ذاك؟ وفي المتغير الثالث أنه تم تشكيل حكومة خاصة بالانتخابات بعدما تعذر تشكيل حكومة ائتلافية تدير البلاد. وطبيعة هذه الحكومة استوقفت المراقبين. إذ إن الدستور يقضي في حال تعذر تشكيل حكومة جديدة، بتشكيل حكومة من كل الأحزاب تكون مهمتها الأساسية إجراء انتخابات نيابية جديدة خلال ثلاثة أشهر.غير أن حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية رفضا المشاركة في الحكومة الجديدة التي يريدها حزب العدالة والتنمية فيما وافق حزب الشعوب الديمقراطي الكردي على المشاركة في الحكومة بثلاثة وزراء. وفي المحصلة فإن تركيا كانت تشهد ولادة حكومة من حزبي العدالة والتنمية والشعوب الديمقراطي في مفارقة دموية بامتياز. فرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان اتهم الحزب الكردي بأنه امتداد لحزب العمال الكردستاني"الإرهابي". وفي ضوء هذه الصورة، فإن مجرد جلوس من هو متهم بالإرهاب على نفس طاولة مجلس الوزراء مع وزراء حزب العدالة والتنمية سوف تثير تحليلات تضع الناخب الكردي والقومي التركي على حد سواء أمام تساؤلات عن دوافع كل طرف من وراء الاجتماع في حكومة واحدة. متغيرات متعددة يضاف إليها وضع اقتصادي متراجع مع صدور أرقام كل شهر جديد. هذه المتغيرات لم تكن موجودة بهذا المستوى ولا المضمون قبل الانتخابات الماضية وكلها جاءت بعدها ما يجعل الانتخابات المقبلة عرضة لكل أنواع المناورات والألاعيب والخطط التي تختلط فيها العوامل الداخلية والخارجية والتي تجعل تركيا أمام مفترق طرق. شهران يفصلان تركيا عن انتخابات قد تعيد حزب العدالة والتنمية إلى السلطة منفردا وقد لا تعيده فتفتح هذه المرة أمام حتمية تشكيل حكومة ائتلافية. وبرأينا أنه بمعزل عن نتائج الانتخابات فإن تركيا ما بعد السابع من حزيران/ يونيو الماضي لم تعد هي ما قبله بمعزل عن نتائج الانتخابات المقبلة.