11 سبتمبر 2025

تسجيل

"خدّام العسكر" وإن تكلموا باسم الدين!!

05 سبتمبر 2013

لم يكن مفاجئا أن يقوم بالانقلاب على الشرعية والديمقراطية في مصر وأن يقتلوا المتظاهرين السلميين " السيسي " وعسكريون من المخترقين فكريا ، والملوثين سلوكيا ، والموالين لإسرائيل وأمريكا ، ممن امتلأت قلوبهم حقدا ، وفكرهم انحرافا ، ووجدانهم لأعداء الأمة ودّا وولاء ، ولم يكن مستغربا أن ينفذ لهم القتل وحرق المساجد والساجدين ويمارس لهم الإرهاب والإفساد كتلة من الجنود ، عقولهم صماء ، وقلوبهم سوداء ، وجهلهم حاكم ، وعتههم مستحكم .. وأن يدعمهم ويوقد معهم نار الكراهية والفتنة نظم صهيوعربية ؛ فهذا كله متوقع وممكن ومفهوم والناس رأته وتراه وستراه في كل وقت.. وهي لا تنخدع بكل هؤلاء ولا حتى بطغمة السياسيين والإعلاميين وأدعياء الثقافة من البائرين والفاشلين والفلول والمنحرفين والصليبيين فكل هؤلاء كارهون وجاهلون بالإسلام ويسيئون الظن بالإسلاميين ، كذلك فهم يرون السياسة - في عرفهم - لا تقوم إلا على الالتواء والكذب والغدر والخباثة والمصالح .. لكن غير المتفهم ولا المتسامح فيه بحال هو أن ينحاز للانقلاب ، وأن يدافع عن جريمته ، وعن الغدر والخيانة أشخاص يتصدرون الفتوى الدينية والخطابة المنبرية ، وفي المفترض أنهم قرأوا القرآن وفهموا مواعظه وإرشاداته ، هؤلاء وبدلا من أن يحجزوا الناس عن الولوج في الفتنة وأن يكونوا موازين الهدى ، إذا بهم يسارعون في الضلال ، ويزينون الباطل ، وإذا بأفكارهم تنحرف وأخلاقهم تفسد ومسالكهم تعوج فيغرقون فيها بل ويتزيدون في اللدد على المؤمنين تلدد المنافقين ، ويحرّضون على قتل المسلمين المسالمين تحريض الأعداء المجاهرين .. والمصيبة أن منهم – وللأسف – من له ذكر طنّت به الأمصار ، وضنّت بمثله الأعصار ، وطارت به الأخبار ، وقد رضي لنفسه – ذلك البائس - أن تصير صنعته ليُّ أعناق الأدلة ، وأن تصبح مهنته النفاق والكذب ، وأن يتجاوب مع أهواء الظالمين المفتونين ، فيدلي بالآراء الفاسدة ، وينحو إلى الاتجاهات المشبوهة الشائهة .. ولولا ما يخشى من أن يزهدوا الناس في الدين ، وأن يجرئوا عليه سفهة العامة وسفلة الفاسقين .. ما كتبت فيهم أسود في أبيض .    فإن قيل : من حق العالم أن يجتهد وأن يصيب ويخطئ ، وأن يكون له رأي سياسي وموقف فكري ، حتى لو خالف كل الناس ، وإلا فكيف يكون العلم قائدا لا مقودا ، وموجِّها لا موجَّها.. أقول: العالم في الإسلام - بخلاف ما في النصرانية واليهودية والبوذية والهندوسية والمجوسية وكل الملل والنحل التي صنعها أو حرفها الناس - ليس ربا ولا إلها ولا مقدسا ، ولا هو ناطق بالحق المطلق في الرضا والغضب ، ولا هو يفتي أو يجتهد اعتباطا وكيفما اتفق ، فلا يبني آراءه على هوى نفسه ، ولا يقيم فتاواه على ما ينقدح في خاطره ، ولا يخضع لخوف ولا يسعى لطمع ، ولا يلوذ بشوارد المواقف ولا يتغطى ببعثرات الأفكار.    والعالم في الإسلام هو الذي ينسجم بكلية ما يقول ويعمل ويجتهد ويفتي مع مقاصد الدين والصحيح من الأدلة والقاطع اليقين ، رواية ودراية.. فإن خالف من ذلك شيئا لم يكن أعز من عمر الذي خطأته امرأة ، ينبري له المسلمون رجالا ونساء ليصوبوه ، فهم أكفياء بمجموعهم لمواجهته والرد عليه ، ما في ذلك شك أو خلاف ؛ فليس ديننا طلاسم مغلقة ، ولا أسرارا مخبوءة ، ولا فهوما محتكرة ؛ ولكنه الواضح الصافي ، والبسيط والعذب الفرات.. يستوعبه العالم والعامي ، ويفهمه الكبير والصغير ، يقنع به الأعرابي في البادية ، بقدر ما يروق للحضري في قلب المدينة.. لذلك اشتهرت على ألسن المسلمين عبارة (يعرف الرجال بالحق ، ولا يعرف الحق بالرجال) فالدين هو السيد وهو الحاكم وهو الفيصل وهو اللازم (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول).    فإذا خرجنا من التعميم إلى التعيين ، فإن ما جاء على ألسن من أسميهم " علماء البيادة " في مصر ومن شايعهم من غيرها في تأييد ما قام به الفاجر  القاتل المبير الموالي لأعداء الله الوالغ في دماء شعبه المدعو " عبد الفتاح السيسي " أخزى الله سعيه وأخسأ فأله ، هو من خروج على معلوم من الدين بالضرورة والاشتهار ، وهو – والعياذ بالله – نوع من الدفاع عن المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.    وحتى لا ينخدع أحد ببياض عمائمهم أو سواد لحاهم ؛ نسأل من اغتر بهم: أليس "السيسي" قد غصب الملك انقلابا وتآمرا وانحيازا على إمام انعقدت له بيعة صحيحة ؟ ألم يتوسل لغدره وفجره بالسلاح والدم والقتل؟ ألا يعلم هؤلاء (الملتبسون المتهرئون والجهلة وغير المثقفين) أن الغدر والمكر والشقاق والنفاق والتآمر والانحياز ظلم لا عدل؟ وأنه خلق اللئام لا الأسوياء؟ وأنه حرابة لا طاعة؟ ألم يعلموا أن "السيسي" صرح لصحيفة الواشنطن بوست بقوله "إن الولايات المتحدة لم تكن بعيدة بأي حال من الأحوال عما يجري هنا، ومنذ شهور طلبت دعمهم للمشورة كشريك إستراتيجي وحليف لنا"؟ أوليس هذا اعترافا صريحا بالشراكة والتعاون والتحالف والولاء لأعداء الأمة؟ فأين عقيدة الولاء والبراء؟ ثم نسأل: أليس "السيسي" قد انحاز لفئة قليلة علمانية وصليبية على حساب الرئيس الشرعي والكثرة الكاثرة من المسلمين ودعاة تطبيق الشريعة؟ ونسأل: أليسوا بدعمهم للانقلاب إنما يشجعون أي قائد مغرور مغامر في أي بلد مستقر أن ينقلب على دولته ونظامها وأن يفسد استقرارها وأن يستبيح دماءها؟    سمعنا من علماء الفتنة في سوريا - البوطي وحسون.. يفتون بقتل الثوار ، وسمعنا من يسمون أنفسهم "جمعية العلماء" في اليمن يفتون بتحريم التظاهر ؛ وسمعنا الهباش في فلسطين يفتي بقتل حماس وأنصارها؛ ولكننا لم نسمع مثل هؤلاء الأفاكين الكذابين الغشاشين في مصر الذين يفتون بقتل جملة الملايين السلميين المطالبين بالديمقراطية والشرعية.    آخر القول: إنهم "خدام العسكر" وإن تكلموا باسم الدين ، وهم بما يقولون ويفعلون لا ينفكون عن أحد اثنين ؛ إما جاهل مخدوع لا يعرف "ألف باء" السياسة والواقع والعلاقات ، أو غاشم غشاش فاجر ظالم.. وفي الحالين لا يحق له أن يفتي في أمر مصر ولا غيرها ؛ بقليل ولا بكثير.