26 سبتمبر 2025

تسجيل

أسعار السلع الزراعية ترتفع

05 سبتمبر 2012

من الممكن أن تتجدد اليوم الأزمة الزراعية التي ضربت العالم في فترة 2007 \ 2008. الأسعار ترتفع لأسباب عدة أهمها: انخفاض العرض الغذائي نتيجة الطقس والمناخ وزيادة الطلب نتيجة النمو السكاني كما الاستعمال لحاجات أخرى بالإضافة إلى تغير أسواق المستهلكين خاصة في الدول الناشئة وفي مقدمتها شرق آسيا. يرتفع عدد سكان العالم من 7 مليارات إنسان إلى حوالي 8.2 مليار في سنة 2030 وإلى 9.3 مليار في سنة 2050. في العرض هنالك 3 مسببات متنقلة منها التغير المناخي العالمي وارتفاع الحرارة، ثم الجفاف القاتل الذي ضرب أفضل السهول الزراعية في غرب الولايات المتحدة وأخيرا الفيضانات التي تقضي على السلع الزراعية في مهدها. ضرب الجفاف هذا الصيف الولايات المتحدة مما جعل وزارة الزراعة تخفض توقعاتها لإنتاج الذرة لهذه السنة بنسبة 14%. تعتبر هذه السنة الأكثر جفافا في الولايات المتحدة في التاريخ الحديث. فقط 24% من إنتاج الذرة يعتبر جيدا أو ممتازا من قبل الجهاز الأمريكي المتخصص USDA مقارنة بـ 62% السنة الماضية.  الأسواق الزراعية مختلفة عن غيرها إذ هنالك سلامة المواطن وصحته، من هنا تتدخل الدولة لمراقبة الجودة والأسعار. للسلع الزراعية تأثير كبير على صحة الأطفال وبالتالي منتجي المستقبل. انخفاض الفيتامينات في الغذاء يسبب ضعفا في نمو الدماغ ومناعة الجسم في مقاومة الأمراض كما يؤثر على سلامة النظر والسمع وغيرهما. فالغذاء هو أساس التنمية ويدخل في صلب السياسات العامة المحاربة للفقر. في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هنالك ما بين 40 إلى 60% من السكان يعيشون في الريف ويعملون في الزراعة. تحسن أوضاع المزارعين يؤدي إلى ارتفاع الطلب على كل السلع والخدمات وبالتالي يتحقق النمو الاقتصادي كما تتوسع التنمية العامة. هنالك للأسف تحيز دولي ضد الزراعة غير مبني على العلم ولا يخدم المصلحة العامة. لم تنجح تجمعات المزارعين في مقاومة هذا التحيز الذي ينعكس سلبا على الموازنات وعلى السياسات الاقتصادية والاجتماعية. هنالك نظرة شعبية سلبية ضد الزراعة تضر ليس فقط بالقطاع وإنما بالوضع العام وأسواق العمل.  أسعار الذرة هي اليوم 90% وهي أعلى مما كانت عليه في يوليو 2010 وأعلى من مستوى 2007 \ 2008 عندما سببت الظروف مشاكل وفوضى اجتماعية خطيرة في أكثر من 30 دولة. في 25 \ 7 \ 2012، نبهت الولايات المتحدة إلى أن ارتفاع أسعار الذرة سيرفع سعر اللحوم ما بين 4 و5% السنة المقبلة. نعلم جميعا أن فقراء العالم ينفقون ما بين 60 إلى 80% من دخلهم المتواضع على الغذاء مما يسبب تضاعف الأوجاع وزيادة الأوضاع المعيشية سوءا. خلال سنة 2010، ارتفعت أسعار معظم السلع الزراعية بنسب مختلفة أي 89% للدخان، 76% للسكر، 68% للقمح، 55% للقطن و21% للأرز. من واجب الحكومات التدخل لحماية الفقراء الذين يتزايد عددهم وتتعمق أوجاعهم.  ما هي العوامل التي تحرك أسعار السلع الزراعية وتقلباتها؟ كيف يمكن معالجتها على الصعيدين المحلي والدولي؟ ما هي العوامل الأكثر أهمية التي يمكن تطبيقها داخل الدول وفيما بينها؟ هل هنالك دور للمنظمات الدولية في حل مشكلة الغذاء توافرا وأسعارا؟ كيف تغير الإنتاج الزراعي بين القرنين الماضي والحالي؟  أولا: سوء المناخ:  ثانيا: أسعار النفط والطاقة التي تتقلب كثيرا لكنها ترتفع مؤخرا لأسباب عائدة للعرض كما للطلب.  ثالثا: ارتفاع الطلب على السلع الزراعية ليس فقط للغذاء وإنما لإنتاج الطاقة البديلة كالايتانول.  رابعا: تقلبات الأسعار كبيرة جدا بسبب القلق الاجتماعي المتزايد نتيجة الأزمة المالية العالمية بالإضافة إلى الخوف الأمني والسياسي والاجتماعي من حصول مشكلة في الدول المنتجة للنفط وفي مقدمها إيران وفنزويلا.  في القرن الماضي، ارتفع الإنتاج الزراعي والحيواني نتيجة زيادة المساحات القابلة للإنتاج. في بداية القرن الحالي، حصل العكس أي بقيت المساحات كما هي أو تدنت بسبب التطور المدني، لكن قابلهما ارتفاع في إنتاجية المزارع والأرض. لذا انتقلت الزراعة من قطاع مبني على كمية عوامل الإنتاج المتوافرة للمزارع إلى آخر مرتكز على العلم المتطور دائما. الطريقة الفضلى للسيطرة على العرض هي رفع الإنتاجية الزراعية عبر الاستثمار في الري وتقديم الأدوية والأسمدة والمنشطات والبذور للمزارعين بالإضافة إلى الإرشاد التقني غير المتوافر في معظم الدول النامية. لا يمكن بناء قطاع زراعي حيوي ومنتج وفاعل من دون تدخل القطاع العام بشكل أو آخر بسبب مخاطره الفريدة المرتبطة بالطقس والأرض والمناخ.  في سنة 2010، كان الحد الأدنى للأجور في أمريكا 7.25$ في الساعة مقابل 4.3$ في اليوم في المكسيك. الحل السهل لتخفيض الأسعار هو فتح الحدود واستقدام المكسيكيين للعمل وبالتالي تنخفض أسعار السلع المنتجة. اختارت الولايات المتحدة الحل الأصعب أي حافظت على سياسة الهجرة الضيقة واستثمرت في البحث والتطوير لرفع إنتاجية الزراعة ونجحت. أخيرا هنالك دور كبير للمنظمات الدولية في تقديم النصائح كمنظمة التغذية والزراعة FAO والبنك الدولي وصندوق التنمية التابع للأمم المتحدة UNDP وغيرهم. لابد من تعاون دولي من ناحية العرض إذ تبقى المشاكل نفسها والحكومات عموما مقصرة أو عاجزة.