13 سبتمبر 2025
تسجيلالتحيز ضد الإسلام -على عكس التحيز ضد السود، اللاتينيين، المرأة، الشواذ- يبدو أمراً مقبولاً في الولايات المتحدة. ولذا جاءت تصريحات المرشحين الجمهوريين للانتخابات الرئاسية بخصوص الإسلام والمسلمين متجاوزة للحدود الطبيعية في النقد. فعلى العكس من حملة التزلف لليهود التي تسبق أي موسم انتخابي، تبدأ حملة موازية من الانتقادات الموجهة للإسلام والمسلمين كطقس ثابت ودوري، وبدلاً من تقديم الوعود الانتخابية للمسلمين، يتباري المرشحون في توجيه أكبر كم من الانتقادات لهم ولدينهم الذي يعتنقونه. نستعرض في هذا المقال تصريحات ستة من هؤلاء المرشحين (ليس من بينهم جيب بوش وتيد كروز اللذان استعرضنا طرفا من خطابهم السياسي في مقالات سابقة). في سياق الملاحظات السلبية عن الإسلام عادة ما يأتي المرشح الجمهوري ليندساي جراهام في المقدمة، إذ يحمل هذا المرشح موقفا سلبيا من الشرق الأوسط بشكل عام، ولكنه يركز عداءه تجاه من وصفهم بالجماعات الإسلامية المتشددة، ممن يريدون أن يكون لدينهم السيادة على العالم. ويعتقد جراهام أن ما تواجهه الولايات المتحدة هو حرب دينية تستهدف قتل كل المسيحيين وتدمير إسرائيل، ولهذا يتعين "التصدي لها بالقوة المناسبة". ويؤكد جراهام، على أن هذه الحرب الدينية، لم تبدأها الولايات المتحدة ولكن سيتعين عليها إنهاءها. ويعتبر جراهام أن الوقت هو وقت الحرب، وأنه لا مكان للسلام في المنطقة، "فالمنظمات الإرهابية صارت أعدادها أضخم، وإمكاناتها أعقد، وأصبحت تعمل بحرية أكبر"، ويرى أن دوره يتمثل في إبقاء الحرب بعيدا عن الولايات المتحدة، وذلك بمهاجمة الإرهابيين في عقر دارهم، قبل أن يتسنى لهم مهاجمة الولايات المتحدة على أراضيها، فهدفه أن ينقب عمن يهددون الولايات المتحدة وقتلهم "لأنه لا بديل سوى ذلك". المرشح الثاني على قائمة الأشرار هو ريك سانتوروم عضو مجلس الشيوخ ومنتج الأفلام الدينية. يؤيد سانتوروم التدخل والعقوبات الاقتصادية ضد الدول الراعية للإرهاب. ويلخص الصراع في الشرق الأوسط بأنه نتاج معركة قديمة بين الغرب وأولئك الذين يرون العالم بطريقة "مختلفة جذريا"— يقصد المسلمين. وخلال كلمته أمام تجمع من أنصاره أوضح سانتوروم عن قناعته بوجود خط فارق بين "العالم الإسلامي" و"العالم الغربي"، معتبرا أن صراع أمريكا الحالي مع الدولة الإسلامية في العراق وسوريا يعكس "صراعا أكبر بين الحضارات"، ويعتقد سانتوروم "أن المسيحية قد تجاوزت العنف الذي تمارسه الجماعات الإسلامية. فرغم أن سانتوروم يقر بأن"المسيحية قد انتشرت بحد السيف، إلا أنه يستدرك "إن هذا لم يعد يحدث حالياً" فوفقا له.. "لم يعد هناك مسيحي يخرج من أجل الجهاد"، ويضيف سانتوروم "إن العالم الغربي أصبح مرادفا للحرية الدينية وحرية الضمير، وبات الغربيون مقتنعين أن التفاهم هو السبيل لنشر الدين، أما في الإسلام فإن ثمة مشكلة تأسيسية تجاه قضايا الحرية الدينية وحرية الرأي بشكل عام، "فقيم مثل المساواة لم تنبع من الإسلام وإنما من إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب"! المرشح من أصل هندي "بوبي جندال" انضم إلى قائمة المهاجمين، من زاوية انتقاد قوانين الهجرة الحالية، معتبرا أن ما يقوم به بعض المهاجرين المسلمين (من عمليات إرهابية) لا يمكن أن يصنف تحت بند الهجرة ولكن الغزو، ومؤكداً أن بعض المسلمين يأتون إلى أمريكا لتغيير قيم الأمريكيين وثقافتهم، فيما يشكل احتلالاً للأراضي والقيم الأمريكية، وطالب من ثَمَّ بتشديد قوانين الهجرة لفرز من يصل إلى أمريكا منهم. معتبرا أنه لا بأس من ممارسة بعض التمييز السلبي إزاء المهاجرين المسلمين. ولم تتوقف ملاحظات جيندال السلبية على المهاجرين، ولكنه تعداها للمسلمين عبر العالم، مطالبا هؤلاء بأن يدينوا بالقول والفعل الإرهاب الذي يتم باسم الدين، وإلا أصبحوا شركاء فيه. المرشح دونالد ترمب بدوره، يعتبر أن هناك مشكلة تخص الإسلام من حيث هو دين، ويرى أن هناك طاقة كراهية هائلة بداخله، ولا يصدق أن اللاجئين المسلمين يتدفقون إلى الولايات المتحدة بسهولة تفوق تلك التي يتدفق بها اللاجئون من المسيحيين، معتبرا هذا أمرا يجب عكسه فورا. أما المرشح ماركو روبيو فيقترح منع منح أي تأشيرات دخول جديدة للمسلمين خصوصا من الشباب، على اعتبار أنه إذا كان الوقت لا يسمح بالتعامل مع كل المسلمين الذين دخلوا بالفعل واستقروا في الولايات المتحدة فإن أقل شيء أن يمنع أي مسلمين جدد من دخول الأراضي الأمريكية. المرشح السادس على القائمة السوداء هو مايك هاكابي، الذي انتقد أوباما لكون "كل شيء يفعله هو ضد المسيحيين، واليهود في إسرائيل. وفي صالح المسلمين". ومما يأخذه هاكابي على أوباما أنه في كل مرة يدين فيها أفعال الجماعات الإسلامية المتشددة فإنه يقارنها بما فعله المسيحيون أثناء الحملات الصليبية. وعندما أعلنت مدينة نيويورك أن المدارس العامة ستغلق في أعياد المسلمين، اعترض هاكابي بالقول إنه ليس بمستبعد على المسلمين أن يمارسوا العنف حتى في أعيادهم. البعض يرى أن العداء الجمهوري (الذي تنضح به عبارات هؤلاء المرشحين) ضد الإسلام والمسلمين والذي يفوق ما كان سائدا في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر يرجع بالأساس إلى ميراث "الحرب على الإرهاب" التي بدأها بوش الابن. فالجمهوريون من أنصار نظرية العدو الضروري، يتوجهون، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، بطاقة الكراهية التي يحملونها للإسلام ومعتنقيه. فيما يرى آخرون أن ميراث العداء يسبق ذلك التاريخ، وأنه انتظر السياق المناسب لكي يفصح عن نفسه. وأيا ما كان الأمر فإن الخطير بحق أن تكون تلك الانتقادات المتلاحقة من المرشحين المحتملين مقدمة لحملة مكارثية جديدة لا تطال فقط مسلمي الشرق الأوسط ولكن أيضا مسلمي الولايات المتحدة، وذلك إذا ما نجح أحد هؤلاء المتطرفين من الوصول إلى المكتب البيضاوي في يناير القادم.