11 سبتمبر 2025
تسجيللا شك أن تدشين القناة الجديدة يمثل نقلة نوعية تستحق الإشادة لأن نجاحها سيحقق طفرة اقتصادية، تخدم الاقتصاد المصري والعالمي، بما تملك من مقومات جاذبة للاستثمار، وبما تتمتع به من موقع إستراتيجي ولوجيستي، وكجسر يربط بين تجارة الشرق والغرب لتنشيط الحركة الاقتصادية. مما يحتم على النظام العالمي التعاون لاستثمارها والاستفادة منها كإضافة حقيقية لدعم التجارة البينية العالمية، خاصة أنها تقع في قلب مناطق الثروات في الشرق الأوسط وإفريقيا، بما يؤهلها لكي تصبح من أبرز المشروعات التنموية في العالم التي أنجزت في زمن قياسي، بما يؤكد القدرة على العمل والإنجاز إذا توافرت الإرادة والإدارة المنضبطة، التي لا تتوافر في باقي المشروعات في مختلف القطاعات التي تعاني من الترهل الإداري والإهمال والفساد بكل أنواعه، ولذلك فكل ما نخشاه، أن نسمع ضجيجا ولا نرى طحينا كما يقال، وألا يتم استثمار ذلك على الوجه الصحيح والسريع الذي يحقق الأمنيات المصرية في التنمية، والآمال التي نرجوها إلى واقع - بعد هذا الافتتاح - في خفض نسب البطالة وتشغيل أكبر عدد من الباحثين عن العمل، وجلب العملات الأجنبية الصعبة، وتوجيه رسالة للعالم بأن مصر بدأت تضع أقدامها على الطريق الصحيح ولن تتخلف بعد ذلك عن تحقيق التنمية الاقتصادية، وزيادة الإيرادات من القناة لتصب في صالح الموازنة العامة وتعمل على خفض جزء من العجز الدائم الذي تعاني منه منذ سنوات، ولاسيما أن هذا أول مشروع مصري يمول ذاتيا بأموال مصرية، لحفر قناة جديدة موازية للمجرى الملاحي الحالي لقناة السويس بطول 72 كيلو مترا، ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يدر هذا المشروع إيرادات قد تصل إلى 100 مليار دولار سنويا – وهي تعادل 20 ضعفا للدخل الحالي الذي يبلغ 5 مليارات دولار سنوياً فقط - تساهم في حل الأزمات التي تعاني منها مصر حاليا بعد إعادة التوزيع العمراني والجغرافي للسكان من خلال مشروعات عمرانية متكاملة تستهدف استصلاح وزراعة نحو 4 ملايين فدان، حيث يهتم مشروع تنمية محور قناة السويس بتطوير المنطقة بالتنمية الشاملة، وتحويل الممر الملاحي إلي مركز أعمال عالمي متكامل يعتمد على خدمات النقل البحري من، إصلاح سفن، وتموين بالوقود، وخدمات القطر والإنقاذ، ودهان، ونظافة السفن، وخدمات شحن وتفريغ، بالإضافة إلى مجمعات صناعية جديدة، ومجمعات للتعبئة والتغليف، ومراكز لوجستية، وموانئ محورية على مدخلي القناة، إلى جانب تنفيذ أنشطة سياحية بإنشاء إسكان سياحي وفندقي، مناطق ترفيهية، مطاعم، مسارح وسينمات، وأنشطة رياضية عالمية، فضلاً عن تنفيذ أنشطة بحرية وإنشاء مركز للبحوث والدراسات البحرية، صناعة القوارب واليخوت، بناء الوحدات العائمة، تسويق المنتجات البحرية، تصنيع منتجات الألومونيوم، وتخريد وتقطيع السفن، وهذه الاستثمارات تقترب من 100 مليار دولار حتى عام 2022، وهذا يسهم في وضع مصر على خريطة سلاسل الإمداد العالمية وجزء من منظومة التجارة العالمية، وبدون أدنى شك فإنها خطط طموحة، ولكن حتى نضمن تحقيقها، فمن الضروري سرعة الإعلان عن خريطة طريق محددة المعالم وبرنامج زمني معلن عن توقيت الانتهاء من تنفيذ هذه الخطط، وإسنادها إلى قيادات إدارية قادرة على الإنجاز ومدربة على التنظيم والتخطيط، ولم تكن ملوثة في الفساد أو متعاونة معه، ولم تتشرب من التسيب والإهمال المستشري في الجهاز الإداري، ومن المهم أيضا النجاح في تدبير الأيد العاملة الماهرة والمدربة من المهندسين والفنيين، التي تستطيع تحمل مسؤولية التنفيذ بالكفاءة والقدرة العالية التي تتوافق مع المعايير الدولية والتكنولوجيا والتقنيات الحديثة، التي يتمسك بها المستثمرون الأجانب، وأيضا مواكبة التشريعات والقوانين مع هذه المتغيرات، مع وضع سياسات نقدية ومالية، تسهم في تحسين التصنيف الائتماني المصرفي، وتحسين الاحتياطي النقدي، بما يعطي رسائل للثقة والاطمئنان للجميع ولمتخلف دول العالم، الذي ينشد تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والعدالة الناجزة، ولأن النجاح في تحقيق ذلك يدعونا إلى البدء في مشروعات قومية جديدة يلتف حولها الجميع بكل توجهاتهم واتجاهاتهم من أجل تنمية مصر، بداية من سيناء باعتبارها مرتبطة بأمن مصر القومي. إننا لابد أن نسابق الزمن لتحقيق التنمية حتى نلحق بركب الحضارة والتقدم لأنه بغير ذلك سوف نظل في وضع محلك سرر، أو ربما نرتد للخلف في الوقت الذي يسرع فيه الآخرون ومن ثم تتسع الفجوة بيننا وبينهم ، ولذلك أتمنى أن يكون افتتاح هذه القناة إعلان رسمي عن بداية مرحلة مصرية جديدة من العمل الجاد والشاق، وأنه غير مسموح أن يعود الأداء إلى التراخي أو الترهل مرة أخرى باعتبارها تدشين حقبة ومرحلة جديدة في بناء مصر الحديثة.