16 سبتمبر 2025
تسجيلكان لخبر تسيير ناقلات الغاز القطري إلى مصر ضمن المنحة القطرية للشعب المصري لسد العجز في وقود الطاقة خلال أشهر الصيف هناك وقعاً خاصاً تناقلته الأوساط الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بتباين كبير يخلط فيه البعض بين مجريات السياسة وبين واقع التواصل العربي الذي تلتزم به دولة قطر تجاه أشقائها في كل المواقف والظروف. فمع احترامي لرأي البعض وأطروحاتهم ونقدهم لمواقف الإدارة القطرية تجاه الأحداث التي تمر بها مصر منذ الـ 30 من يونيو الماضي. فأنا أتوقع كرؤية شخصية أن وجهة النظر القطرية ورؤيتها للأحداث خصوصاً في مصر تتكامل مع كل المواقف العربية الأخرى مهما اختلفت الرؤى وتباينت الأدوار فهي تندرج ضمن الحرص على سلامة الكيان المصري ووحدته وحقوق عموم شعبه باختلاف ميولهم في التعبير عن الرأي واختيار المستقبل. كما أن الدور القطري ليس خفيا على أحد في ظل ساحة إعلامية واسعة وشفافة. فشحنات الغاز القطري تحمل معها إلى مصر صورة معبرة لمعاني الأخوة العريقة بين الشعبين المصري والقطري والتي تتعدى الظروف واختلافات الرأي لتكتب صفحة محبة بين صفحات التضامن والمسؤولية تجاه الجميع دون حياد لطرف على حساب الآخر حسبما صرح بذلك وزير الخارجية القطري خالد العطية في المؤتمر الصحفي في باريس الأسبوع الماضي. كما أن الإدارة القطرية أسوة بكل الدول في مثل هذه المواقف ليست معنية بتبرير مواقفها لكل أحد مهما ذهب مستوى فهمه وتقديره للأمور ظاهرها وباطنها. وكما نشر في صحيفة الأهرام المصرية عدد يوم الثلاثاء الماضي نقلاً عن مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية السفير ناصر كامل الذي صرح في مداخلة تلفزيونية لقناة " سي بي سي " أن الموقف القطري تجاه بلاده ليس بالدرجة السيئة التي كان يتوقعها. لذلك يجب على الأصوات والأبواق في كل مكان أن تكف عن ممارسة النقد الرخيص تجاه الدور القطري والذي ربما تتضح أبعاده تبعاً لمجريات الأحداث في الساحة المصرية. فما من قلب عربي من الخليج إلى المحيط إلا ويحمل حباً كبيراً لمصر وأهلها وإن اختلفت سبل التعبير عن هذا الحب وحجمه للمضي بمصر نحو مستقبل مستقر وواعد ولتظل مصر في موقعها الريادي العربي فهي البيت الكبير لكل العرب وقضاياهم مهما تغيرت ملامح إداراتها. كما نُذكر دائماً بالمواقف العربية تجاه الشقيقة مصر في عهد الرئيس جمال عبدالناصر عندما حمل لواء القومية العربية وأسس لبؤر واسعة لمناصرة مشروعه الكبير فقد جوبه الرجل ومعه مصر كافة بالرفض في عدد من العواصم لدرجة القطيعة مع بعضها وفتح مجالات الشتم المتبادل عندما لم يكن هناك وسيلة للتعبير سوى الإذاعات، سوى أن تلك المرحلة انتهت بوفاق جماعي مع مصر لم يدم طويلاً حتى أخذت عدد من الدول العربية ومجتمعاتها موقفاً آخر من مصر عندما أبرمت اتفاقية "كامب ديفيد" عام 1979م فشنت تجاه مصر الحملات المعادية نتيجة موقفها حيال التطبيع مع المحتل الصهيوني فأغلقت السفارات المصرية في غالبية الدول العربية ونقل مقر الجامعة العربية إلى تونس وتفرغ الإعلام وممارسوه بكثافة للنيل من مصر ومشروعها نحو السلام ونعتت مصر بما يخجل ذكره؛ وما هي إلا سنوات قليلة حتى أعاد العرب الوئام مع أرض الكنانة. وعليه يجب القول إن في دهاليز السياسة أدوار ومهمات تتبدل حسب الرؤى وضرورات التكامل ولكن يظل هناك من يقحم نفسه في مجريات الحدث دون أن يعي عموم مضمونه فتظل الكلمات شواهد على مستوى فهم سطحي كان الأجدر به الصمت. أيضاً ما تواجهه قطر الآن تواجهه المملكة العربية السعودية نظير موقفها الإيجابي تجاه مصر. وكما أسلفت أن للدول الحق في أن تتخذ أدواراً منهجية في سبيل تحقيق هدف عام وهو ما يتطلب الثقة في القيادات ورؤيتها. أيضاً يجب أن يظل الذوق مهماً في طرح الرأي الشخصي وفرضية قبول الرأي الآخر.