12 سبتمبر 2025
تسجيلإن المؤمنَ يعمل صالحًا، ويبذُل جُهده في هذه الحياة؛ أن يستقيم على طاعة الله ومنهجه، ويجعل نُصبَ عينيه خاتمة الأعمال، لا يدري ما يُختَم له به، يخاف من تحوُّلٍ من الإيمان إلى الكفر، ومن استقامةٍ إلى انحراف، ومن لزومِ الطريق إلى البُعد عنه، يرَى أناسًا اختلفت أهواؤهم، وتغيَّرت أفكارهم، وتنوَّعت آراؤهم، فهم يومًا دعاةٌ إلى الخير والصلاح، والهدى والنور، ويومًا يَنْقُضون ما بنَوا، ويُبدِّلون ما قالوا، بسوء اعتقادٍ، وفساد أعمال، وانحراف سلوك، فتراه يخاف على نفسه أن يخدعَه الشيطانُ كهؤلاء، فيستولي عليه، فيُنسِيه ذكرَ الله، ويصدَّه عن سبيل الله المستقيم، فيختم له بسوء، فيَلْقى الله على غيرِ هدًى، أعاذنا الله وإيَّاكم من ذلك، وهذا ما حذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بادروا بالأعمال فتنًا كقِطَع الليل المظلم، يُصبح الرجل مؤمنًا، ويُمسي كافرًا، أو يُمسي مؤمنًا، ويُصبح كافرًا، يبيع دينه بعرَضٍ من الدنيا).من أجْل دراهم معدودة، أو عروض سخيَّة، أو دنيا فانية، سرعان ما يُغيِّر ما كان عليه من استقامة وهدًى وصلاح، فيستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وينقلب على عَقِبيه؛ ولذا قال الله لعباده: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)أي: اتقوا الله بلزوم أوامره، واجتناب نواهيه، وطاعة رسوله، واتِّباع هَدْيه، وهذا هو الدين القَيِّم، فالزَموا الإسلام، واثبتوا عليه، واستقيموا عليه؛ حتى يوافيَكم الموتُ وأنتم على الإسلام ملازِمين، غيرَ مُبدِّلين، ولا مُغيِّرين.أيها المسلم، فمِن علامةِ توفيقِ الله لك، ومِن علامة خاتمةِ الخير لك، أن توَفَّقَ في بقيَّة عُمرِك لأعمالٍ صالحة؛ تستقيم عليها، تثبُت عليها، تمضي بقيَّةَ عُمرك عليها؛ قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا، استعمَله)، قيل: كيف يستعمله؟ قال: (يوفِّقه لعملٍ صالح قبل الموت، ثم يقبضه عليه).فيتداركه الله بتوبةٍ نصوح، فيبدِّل سيِّئاته حسنات، ويتحلَّل من مظالِم العباد، ويتوب إلى الله من سيِّئات الأقوال والأعمالِ، حتى إذا حضرَه الموتُ ودنا انتقالُ الرُّوح من الجسد، إذا هو ثابتٌ على الحقِّ، ثابتٌ على الهُدَى، تُزَفُّ له البِشارة وهو على فراشه؛ (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ).كما في حديث البَراء رضي الله عنه (إنَّ الملائكة تقول لرُوح المؤمن: اخرجي أيَّتها الرُّوح الطِّيبة في الجسد الطيِّب، كنتِ تَعمرينه، اخرجي إلى رُوح ورَيحان، وربٍّ غير غضبان).هكذا أولياء الله الصادقون الذين أخْلصوا لله أعمالَهم، وصدقوا مع الله في تعامُلِهم، فلم يكن رِياء ولا سمعة، ولا محبَّة للشهرة، ولا إرادةً للعُلوِّ في الأرض؛ (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).إنَّ المسلمَ ينبغي دائمًا له أن يسألَ الله حُسْنَ الخاتمة، وأن يختمَ عُمرَه بخير، وأن يجعلَ بقيَّةَ عُمره خيرًا من ماضِيه، فهو دائمًا يقول: اللهمَّ اجعلْ خيرَ أعمارنا أواخرَها، وخيرَ أعمالِنا خواتيمَها، وخيرَ أيَّامنا يومَ نلقاك.